اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{۞وَكَم مِّن مَّلَكٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ لَا تُغۡنِي شَفَٰعَتُهُمۡ شَيۡـًٔا إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ أَن يَأۡذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرۡضَىٰٓ} (26)

قوله : { وَكَمْ مِّن مَلَكٍ } «كم » هنا خبرية تفيد التكثير ، ومحلها الرفع على الابتداء . و{ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ } هو الخبر . والعامة على إفراد الشفاعة . وجُمعَ الضمير اعتباراً بمعنى «ملك » وبمعنى «كم » . وزيد بن عليّ شَفَاعَتُهُ بإفرادها اعتبر لفظ «كم وملك » . وابن مِقْسِم شَفَاعَاتُهُم بجمعِهَا{[53588]} . و«شَيْئاً »{[53589]} مصدر أي شيئاً من الإغْنَاء .

فصل

المعنى وكم من ملك في السماوات ممن يعبدهُمْ هؤلاء الكفار ويرجون شفاعَتَهم عند الله لا تغني شفاعَتُهُمْ شيئاً إلاَّ من بعد أن يأذن الله في الشفاعة { لِمَن يَشَاءُ ويرضى } أي من أهل التوحيد .

قال ابن عباس - رضي الله عنهما - يريد لا تشفع الملائكة إلا لمن رضي الله عنه . وجمع الكناية في قوله : «شفاعتهم » والملك واحد ؛ لأن المراد من قوله : { وَكَمْ مِّن مَلَكٍ } الكثرة ، فهو كقوله تعالى : { فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ }{[53590]} [ الحاقة : 47 ] .


[53588]:وهو اختيار صاحب الكامل في القراءات الخمسين للهذلي فيما نقله صاحب البحر المحيط 8/163.
[53589]:فليست مفعولا به وهي نائب المفعول المطلق (المصدر السابق).
[53590]:وانظر تفسير البغوي 6/264.