ولما أتم الإشارة إلى النفوس لأهل البصائر ، صرح بالعبارة لمن دونهم فقال تعالى : { ونفس } أي أيّ نفس جمع فيها سبحانه العالم بأسره . ولما كانت النفوس أعجب ما في الكون وأجمع ، عبر فيها بالتسوية حثاً على تدبر أمرها للاستدلال على مبدعها للسعي في إصلاح شأنها فقال تعالى : { وما سواها * } أي عدلها على هذا القانون الأحكم في أعضائها وما فيها من الجواهر والأعراض والمعاني وعجائب المزاج من الأخلاط المتنافرة التي لاءم بينها بالتسوية والتعديل فجعلها متمازجة وقد أرشد السياق والسباق واللحاق إلى أن جواب القسم مقدر تقديره : لقد طبع سبحانه وتعالى نفوسكم على طبائع متباينة هيأها بها لما يريد من القلوب من تزكية وتدسية بما جعل لكم من القدرة والاختيار ، وأبلغ في التقدم إليكم في تزكية نفوسكم وتطهير قلوبكم لاعتقاد الحشر بما هو أوضح من الشمس لا شبهة فيه ولا لبس لتنجوا من عذاب الدنيا والآخرة بالاتصاف بالتقوى ، والانخلاع من الفجور والطغوى .
وقال الأستاذ أبو جعفر ابن الزبير : لما تقدم في سورة البلد تعريفه تعالى بما خلق فيه الإنسان من الكبد مع ما جعل له سبحانه من آلات النظر ، وبسط له من الدلائل والعبر ، وأظهر في صورة من ملك قياده ، وميز رشده وعناده
{ وهديناه النجدين }[ البلد : 10 ]
{ إنا هديناه السبيل }[ الإنسان : 3 ] وذلك بما جعل له من القدرة الكسبية التي حقيقتها اهتمام أو لم ؟ وأنى بالاستبداد والاستقلال ، ثم
{ والله خلقكم وما تعملون }[ الصافات : 96 ] أقسم سبحانه وتعالى في هذه السورة على فلاح من اختار رشده واستعمل جهده وأنفق وجده { قد أفلح من زكاها } وخيبة من غاب هداه فاتبع هواه { وقد خاب من دساها } فبين حال الفريقين وسلوك الطريقين - انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.