نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{كَذَّبَتۡ ثَمُودُ بِطَغۡوَىٰهَآ} (11)

ولما كان السياق للترهيب بما دلت عليه سورة البلد وتقديم الفجور هنا ، وكان الترهيب أحث على الزكاء ، قال دالاًّ على خيبة المدسي ليعتبر به من سمع خبره لا سيما إن كان يعرف أثره : { كذبت ثمود } أنث فعلهم لضعف أثر تكذيبهم لأن كل سامع له يعرف ظلمهم فيه لوضوح آيتهم وقبيح غايتهم ، وما لهم بسفول الهمم وقباحة الشيم ، وخصهم لأن آيتهم مع أنها كانت أوضح الآيات في نفسها هي أدلها على الساعة ، وقريش وسائر العرب عارفون بهم لما يرون من آثارهم ، ويتناقلون من أخبارهم { بطغواها * } أي أوقعت التكذيب لرسولها بكل ما أتى به عن الله تعالى بسبب ما كان لنفوسهم من وصف الطغيان ، وهو مجاوزة القدر وارتفاعه والغلو في الكفر والإسراف في المعاصي والظلم ، أو بما توعدوا به من العذاب العاجل وهي الطاغية التي أهلكوا بها ، وطغى - واوي يائي يقال : طغى كدعا يطغو طغوى وطغواناً - بضمها كطغى يطغى ، وطغي كرضي طغياً وطغياناً - بالكسر والضم ، فالطغوى - بالفتح اسم ، وبالضم مصدر ، فقلبت الياء - على تقدير كونه يائياً - واواً للتفرقة بين الاسم والصفة ، واختير التعبير به دون اليائي لقوة الواو ، فأفهم أنهم بلغوا النهاية في تكذيبهم ، فكانوا على الغاية من سوء تعذيبهم .