التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{وَلَقَدِ ٱسۡتُهۡزِئَ بِرُسُلٖ مِّن قَبۡلِكَ فَأَمۡلَيۡتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيۡفَ كَانَ عِقَابِ} (32)

1 أمليت : بمعنى مددت لهم وأمهلتهم .

{ ولقد استهزىء برسل من قبلك فأمليت1 للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان عقاب ( 32 ) } [ 32 ] .

في الآية التفات للنبي صلى الله عليه وسلم تقرر له أن الأمم السابقة قبله استهزأت برسلها فأملى الله لها مؤقتا وأمهلها ثم أخذها أخذا شديدا معروف الخبر مشهود الأثر .

والآية استمرار للسياق ، وتعقيب على ما سبقها كما هو المتبادر ، وفيها تطمين وتثبيت للنبي صلى الله عليه وسلم وإنذار للكفار . وقد استهدفت فيما استهدفته تذكير الكفار الذين يقفون من النبي صلى الله عليه وسلم موقف الاستهزاء والجحود بما كان من عقاب الله لأمثالهم من الأمم السابقة وحملهم على الاتعاظ به . ولقد تكرر محتوى الآية بسب تكرر المواقف المماثلة ، واستهدافا للهدف الذي استهدفته . ولقد احتوت آيات عديدة في سورة سابقة {[1204]} إشارات إلى معرفة السامعين لأخبار الأمم السابقة وما حل فيهم من نكال الله تعالى بعد الإملاء والإهمال الذي اقتضتهما حكمة الله ؛ حيث يستحكم بذلك الإنذار والوعظ القرآنيان . ولقد أورد ابن كثير في سياق الآية حديثا رواه البخاري ومسلم عن النبي جاء فيه : ( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ) {[1205]} حيث يتساوق الإنذار النبوي مع الإنذار القرآني كما هو أي في شأن آخر .


[1204]:انظر مثلا آيات سورة العنكبوت [ 48] وإبراهيم [ 45] وطه [ 128] والسجدة [ 260].
[1205]:انظر التاج ج 4 ص 131.