نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَلَقَدِ ٱسۡتُهۡزِئَ بِرُسُلٖ مِّن قَبۡلِكَ فَأَمۡلَيۡتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيۡفَ كَانَ عِقَابِ} (32)

ولما تم الجواب عن كفرهم بالموحي وما أوحاه إليه وما اشتد تعلقه به ، عطف{[44238]} على ذلك تأسية بالموحى{[44239]} إليه صلى الله عليه وسلم ، لأن الحاث{[44240]} على تميز{[44241]} الإجابة إلى الآيات المقترحات استهزاء الكفار ، فقال : { ولقد استهزىء } أي من أدنى الخلق وغيرهم { برسل } .

ولما كان الإرسال لم يعم{[44242]} جميع الأزمان فضلاً عن الاستهزاء ، أدخل الجار فقال : { من قبلك } لعدم إتيانهم بالمقترحات ؛ والاستهزاء : طلب الهزوء ، وهو الإظهار خلاف الإضمار للاستصغار { فأمليت } أي فتسبب عن استهزائهم ذلك أني أمليت { للذين كفروا } أي أمهلتهم في خفض وسعة كالبهيمة يملى لها ، أي{[44243]} يمد في المرعى ، ولم أجعل ذلك سبباً لإجابتهم إلى ما اقترحوا ولا معاجلتهم بالعذاب فعل الضيق الفطن{[44244]} { ثم } بعد طول الإملاء{[44245]} { أخذتهم } أي أخذ قهر وانتقام { فكيف } أي فكان أخذي لهم سبباً لأن يسأل من كان يستبطىء رسلنا أو يظن بنا تهاوناً بهم ، فيقال له : كيف { كان عقاب * } فهو استفهام معناه التعجب{[44246]} مما حل بالمكذبين والتقرير ، و{[44247]} في ضمنه وعيد شديد .


[44238]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: عطفا.
[44239]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: الموحى.
[44240]:في مد: الحادث.
[44241]:في ظ: تمييز.
[44242]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: لم يقم.
[44243]:من مد، وفي الأصل و ظ: أتى، وسقطت هذه الكلمة مع الفعل الذي بعدها من م.
[44244]:في مد: الطعن.
[44245]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: الاحلا- كذا.
[44246]:في مد: التعجيب.
[44247]:زيد من ظ و م ومد.