التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{بَلۡ مَتَّعۡنَا هَـٰٓؤُلَآءِ وَءَابَآءَهُمۡ حَتَّىٰ طَالَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡعُمُرُۗ أَفَلَا يَرَوۡنَ أَنَّا نَأۡتِي ٱلۡأَرۡضَ نَنقُصُهَا مِنۡ أَطۡرَافِهَآۚ أَفَهُمُ ٱلۡغَٰلِبُونَ} (44)

4 أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها : قيل إنها بمعنى انتقاص أرض الكفر وأهلها بانتصار رسول الله ، وقيل إنها بمعنى موت الناس وخراب البلاد حقبة بعد حقبة مطلقا ، وقيل إنها تذكير بما كان من إهلاك الله للأمم السابقة التي كفرت به وتدمير بلادها . والقول الأخير هو الأوجه عندنا لاتساقه مع روح الآيات وفحواها .

/خ42

ولقد تعددت الأقوال التي يرويها المفسرون عن ابن عباس وعلماء التابعين لمدى جملة { أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها } {[1360]} من ذلك أنها بسبيل الإثارة إلى ما ينقص من بلاد الشرك والكفر بفتحها للنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين بعده . ومنها أنها بسبيل التذكير بموت الناس جيلا بعد جيل . ومنها أنها بمعنى ذهاب خيارها وفقهائها أو بركتها . ومنها أنها بمعنى ما يطرأ على البلاد من خراب ودمار .

ويتبادر لنا أن كل هذه الأقوال لا تتسق مع مقام الجملة وظرف نزولها ، وأن المتسق مع ذلك هو ما ذكرناه في شرحها بقصد لفت نظر الكفار الذين هم موضوع السياق إلى ما كان يوقعه الله من تدمير وتخريب وإهلاك للأقوام الذين وقفوا من أنبيائهم موقفهم من النبي صلى الله عليه وسلم وبلادهم على سبيل الإنذار والتحذير . وهي من باب آية سورة طه هذه : { أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى 128 } .


[1360]:انظر تفسير الآية [41] من سورة الرعد المماثلة لهذه الجملة في كتب تفسير الطبري والبغوي وابن كثير والخازن والطبرسي.