فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{بَلۡ مَتَّعۡنَا هَـٰٓؤُلَآءِ وَءَابَآءَهُمۡ حَتَّىٰ طَالَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡعُمُرُۗ أَفَلَا يَرَوۡنَ أَنَّا نَأۡتِي ٱلۡأَرۡضَ نَنقُصُهَا مِنۡ أَطۡرَافِهَآۚ أَفَهُمُ ٱلۡغَٰلِبُونَ} (44)

{ بل متعنا هؤلاء وآباءهم } يعني أهل مكة متعهم الله بما أنعم عليهم { حتى طال عليهم العمر } وامتد بهم الزمان ، فاغتروا بذلك وظنوا أنهم لا يزالون كذلك ؛ فرد الله سبحانه عليهم قائلا :

{ أفلا يرون } أي لا ينظرون فيرون { أنا نأتي الأرض } أي نقصد أرض الكفار { ننقصها } بالظهور عليها { من أطرافها } فنفتحها بلدا بلدا وأرضا بعد أرض بتسليط المسلمين عليها ، وأسنده إلى نفسه تعظيما لهم . وفيه تعظيم للجهاد والمجاهدين . وقيل ننقصها بالقتل والسبي ، وهو تصوير لما يجريه الله على أيدي المسلمين . وقد مضى في الرعد الكلام على هذه مستوفى .

{ أفهم الغالبون } الاستفهام للإنكار والفاء للعطف على مقدر كنظائره ، أي كيف يكونون غالبين بعد نقصنا لأرضهم من أطرافها ، وفي هذا إشارة إلى أن الغالبين هم المسلمون أصحاب النبي .