التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبۡلِ أَن تَقۡدِرُواْ عَلَيۡهِمۡۖ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (34)

( 2 ) من قبل أن تقدروا عليهم : من قبل أن يقعوا في أيديكم وتقبضوا عليهم وتظفروا بهم .

33

ولقد أورد ابن كثير بعض الأحاديث النبوية في سياق الآية الثانية وبخاصة الجملة الأخيرة منها ، منها حديث عن عبادة بن الصامت قال : إنه رواه مسلم . وقد ورد حديث مقارب له في التاج برواية البخاري ومسلم والترمذي والنسائي هذا نصه : ( قال عبادة : كنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مجلس فقال : تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تزنوا ولا تسرقوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، فمن وفى فأجره على الله ، ومن أصاب شيئا من ذلك فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له ، ومن أصاب شيئا من ذلك فستره الله فأمره إلى الله إن شاء عفا وإن شاء عذبه ، فبايعناه على ذلك ) ( 1 ){[813]}وحديث رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة عن علي قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من أذنب ذنبا في الدنيا فعوقب عليه فالله أعدل من أن يثني عقوبته على عبده ، ومن أذنب ذنبا في الدنيا فستره الله عليه وعفا عنه فالله أكرم من أن يعود عليه في شيء قد عفا عنه ) . ويلوح إلى أن ابن كثير قد أورد الأحاديث على اعتبار انطباق الآية على المسلمين . ومع ذلك فإنه يلوح أنها إنما تصح أن تساق في معرض ذنوب يقترفها مسلم ما في حالة اعتيادية ، وليس في حالة توصف بأنها محاربة الله ورسوله والسعي في الأرض فسادا . وقد يكون حينئذ من حكمتها تطمين المؤمن الصادق في إيمانه مع بث الخوف والرجاء في نفسه . أما على اعتبار أن الآية في صدد الكافر وبخاصة الكافر المحارب فليست الأحاديث موضع تطبيق كما هو المتبادر . فالذي يموت كافرا مخلدا في النار . حتى ولو لم يرتكب جرائم أخرى كما هو مقرر في الآيات القرآنية العديدة .


[813]:التاج ج 3 ص 34.