البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبۡلِ أَن تَقۡدِرُواْ عَلَيۡهِمۡۖ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (34)

{ إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم } ظاهره أنه استثناء من المعاقبين عقاب قاطع الطريق ، فإذا تابوا قبل القدرة على أخذهم سقط عنهم ما ترتب على الحرابة ، وهذا فعل عليّ رضي الله عنه بحارثة بن بدر العراني فإنه كان محارباً ثم تاب قبل القدرة عليه ، فكتب له سقوط الأموال والدم عنه كتاباً منشوراً .

وقالوا : لا نظر للإمام فيه إلا كما ينظر في سائر المسلمين ، فإن طولب بدم نظر فيه أو قيد منه بطلب الولي ، وإنْ طولب بمال فمذهب مالك والشافعي وأصحاب الرأي : يؤخذ ما وجد عنده من مال غيره ، ويطالب بقيمة ما استهلك .

وقال قوم من الصحابة والتابعين : لا يطالب بما استهلك ، ويؤخذ ما وجد عنده بعينه .

وحكى الطبري عن عروة : أنه لا تقبل توبة المحارب ، ولكن لو فر إلى العدوّ ثم جاءنا تائباً لم أر عليه عقوبة .

قال الطبري : ولا أدري هل أراد ارتد أم لا ؟ وقال الأوزاعي نحوه ، إلا أنه قال : إذا لحق بدار الحرب فارتد عن الإسلام ، أو بقي عليه ، ثم جاءنا تائباً من قبل أن نقدر عليه قبلت توبته .