قوله تعالى : { إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ } فيه وجهان :
أحدهما : أنَّه مَنْصُوب على الاسْتِثْنَاء من المحاربين ، وللعُلَماء خلافٌ في التَّائِب من قُطَّاع الطَّريق ، هل تَسْقط عنه العُقُوبات كُلُّها ، أو عقوبة قَطْع الطَّريق فقط ؟ .
وأما ما يتعَلَّق بالأمْوَال وقتل الأنْفُس ، فلا تسقط ، بل حُكْمُه إلى صاحِبِ المال ، وَوَلِيِّ الدَّم ، والظَّاهر الأوّل .
الثاني : أنَّه مرفوع بالابْتِدَاء ، والخبر قوله : " فإنَّ الله غَفُورٌ رحيم " والعَائِد مَحْذُوف ، أي : غفور له ؛ ذكر هذا الثَّاني أبُو البقاء{[43]} . وحينئذٍ يكون استثناءً مُنْقَطِعاً بمعنى : لكن التَّائِب يُغْفَر لَهُ .
من ذَهَب إلى أنَّ الآية نَزَلَت في الكُفار قال : { إلاَّ الَّذِين تَابُوا } : من شركهم : وأسْلَموا قبل أن تَقْدِروا عليهم فَلاَ سَبِيل عليهم بِشَيْءٍ من الحدُود ولا تَبِعَة عليهم فيما أصَابُوا في حال الكُفْر من دَمٍ أوْ مَال .
أما المُسْلِمُون المحاربون : فمن{[44]} تاب منهم قبل القُدْرَة عَلَيْه ، وهو قبل أنْ يَظْفَر بِهِمُ الإمَام تَسْقُط عَنْهُ كل عُقُوبة وجبت حقاً لله تعالى ، ولا يَسْقُط ما كان من حُقُوق العِبَاد ، فإذا كان قد قَتَل في قَطْعِ الطَّريق يسقُطُ عنه بالتَّوْبة [ قبل القُدْرَة عليه ]{[45]} تحتُّم القَتْل ، ويبقى عليه القِصَاصُ لولي القَتِيل إن شَاءَ عفا عنه ، وإن شَاءَ اسْتَوْفَاه ، وإن كان قد أخَذَ المال يَسْقُط عنه القَطْع ، وإن كان جمع بَيْنَهُما يسقط عنه تحتُّم القَتْل والصَّلْب ، ويجب ضَمَان المال .
وقال بعضهُم : إذا جاء تَائباً قبل القُدْرَة [ عليه لا يكون لأحد عليه تبعة في دم ولا مال إلاّ أن يوجد معه مال بعينه فيردّه إلى صاحبه .
روي عن علي رضي الله عنه في حارثة بن زيد كان خرج محارباً فسفك الدماء ، وأخذ الأموال ثم جاء تائباً قبل أن يقدر عليه فلم يجعل له عليه تبعة . أما من تاب بعد القدرة ]{[46]} فلا يَسْقُط عنه شيء منها .
وقيل : كُلُّ عقُوبة تجب حقاً لِلَّه - تعالى - من عُقُوبَات قَطْع الطَّريق ، وقطع السَّرقة ، وحدِّ الزنا ، والشُّرب تَسْقُط بالتَّوْبة بكل حال كما تقدَّم والأكْثَرُون على أنَّها لا تَسْقُط .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.