الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبۡلِ أَن تَقۡدِرُواْ عَلَيۡهِمۡۖ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (34)

قوله : ( اِلاَّ الذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ) الآية [ 36 ] .

أي : إلا الذين تابوا من محاربتهم وشركهم( {[15798]} ) والسعي في الأرض بالفساد من قبل أن تملكوهم ، فإن الله يغفر لهم ، أي : يستر عليهم ما تقدم من فعلهم ويرحمهم( {[15799]} ) .

وهذه الآية –عند جماعة- إنما هي في المشركين ، وأما الرجل المسلم فليس يحرزُه( {[15800]} ) من الحد( {[15801]} ) إذا قتل أو أفسد الأموال توبته( {[15802]} ) . وقيل : هي للمؤمنين وغيرهم إذا استأمنوا أو( {[15803]} ) تابوا أو( {[15804]} ) أمَّنَهُم الإمام ، فليس لأحد أن يطلبهم بدم ولا بغيره ، قاله السدي وغيره( {[15805]} ) .

وقال مالك : لا يطلب بشيء إذا جاء تائباً –المؤمن ولا غيره- إلا أن يكون معه مال يُعرف فيأخذه صاحبه أو تقوم على المسلم بينة بالقتل فيقاد منه ، ولا يتبعه الإمام بشيء من الدماء التي لم يطلبها أولياؤها( {[15806]} ) . وقال الشافعي : تضع( {[15807]} ) توبتُه عنه حقوق الله ولا يَسقط عنه بها حقوقُ بني آدم( {[15808]} ) .

وقيل : إنما تضع التوبة الحقوق عمن( {[15809]} ) لحق –في حرابته- بدار الكفر ثم أتى تائباً ، وأما من لم يلحق بدار الكفر ، فالحقوق كلها لازمة له –تاب أو لم يتب-( {[15810]} ) .


[15798]:- ب ج د: شركتهم.
[15799]:- انظر: معاني الزجاج 2/170، وتفسير الطبري 10/277 و289.
[15800]:- ب: يجوره. ج د: يحرره.
[15801]:- ب: الجد. ج د: اتحد.
[15802]:- ب: توفته. وهو قول عكرمة والحسن ومجاهد والضحاك وابن عباس وقتادة وعطاء في تفسير الطبري 10/277 وما بعدها.
[15803]:- ب ج د: و.
[15804]:- ب ج د: و.
[15805]:- هو قول الشعبي ومكحول أيضاً في تفسير الطبري 10/279 وما بعدها.
[15806]:- انظر: تفسير الطبري 10/283.
[15807]:- ب: توضع.
[15808]:- انظر: الأم 6/157، وتفسير الطبري 10/287.
[15809]:- د: عن من.
[15810]:- هو قول هشام بن عروة في تفسير الطبري 10/285.