جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{ٱلرَّحۡمَٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ} (5)

{ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ{[3136]} اسْتَوَى{[3137]} } هو مبتدأ مشار بلامه إلى من خلق وعلى العرش استوى خبره أو تقديره هو الرحمن ، وعلى العرش استوى إما خبر ثان أو تقديره هو على العرش استوى . سئل الشافعي عن الاستواء فأجاب : آمنت بلا تشبيه ، واتهمت نفسي في الإدراك وأمسكت عن الخوض فيه كل الإمساك .


[3136]:قال في كتاب العرش: قال الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني في مصنفه مصنف حلية الأولياء في الاعتقاد الذي جمعه: هي طريقتنا طريق السلف المتبعين للكتاب والسنة وإجماع الأمة ومما اعتقدوه أن الله سبحانه وتعالى لم يزل بجميع صفاته القديمة لا يحول ولا يزول إلى أن قال: إن الأحاديث التي تثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في العرش واستواء الله عليه يثبتونها من غير تكييف و لا تمثيل والله بائن من خلقه والخلق بائنون منه لا يحل فيهم و لا يمتزج وهو مستو على عرشه في سمائه دون أرضه، و ذكر السلف واعتقادهم وإجماعهم على ذلك انتهى. وأيضا فيه وقال الإمام الزاهد أبو عبد الله بن بطة العكبرى في كتاب الإبانة تأليفه باب الإيمان بأن الله على عرشه بائن من خلقه وعلمه محيط بخلقه: وأجمع المسلمون من الصحابة والتابعين أن الله على عرشه فوق سماواته بائن من خلقه، فأما قوله: وهو معكم فهو كما قالت العلماء علمه انتهى. وأيضا فيه، نقلا عن حافظ المغرب ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ: أجمع علماء الصحابة والتابعين الذين حمل عنهم التأويل، قالوا في تأويل قوله: "ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم" (المجادلة: 7)، هو على العرش وعلمه بكل مكان وما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله انتهى، وهكذا نقل عنه هذا الإجماع في الحموية /12، وفي كتاب العرش عن الإمام أبي بكر الحافظ الذي نقله(*) الأجري في كتاب الشريعة له: فإن قال قائل: ايش يكون معنى قوله تعالى "ما يكون من نجوى ثلاثة إلا وهو رابعهم"؟! الآية التي احتجوا بها قيل له: علمه والله عز وجل على عرشه وعلمه محيط بهم كذا فسره أهل العلم والآية يدل أولها على أنه العلم و هو على عرشه فهذا قول المسلمين انتهى. وفيه عن عثمان بن سعيد الدارمي أحد الأئمة الذي قال فيه البخاري: ما رأيت مثل عثمان بن سعيد ولا رأى عثمان مثل نفسه من كتاب النقض على بشر المريسي له: قد اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله تعالى بكماله فوق عرشه فوق سماواته، وقال: أيضا في موضع آخر من الكتاب قال أهل السنة: إن الله بكماله فوق عرشه يعلم ويسمع من فوق العرش لا يخفى عليه خافية من خلقه ولا يحجبهم عنه شيء انتهى /12. (*) زيادة اقتضاها السياق.
[3137]:قال محمد بن جرير في تفسير قوله: "ثم استوى على العرش" في كل مواضعه أي علا وارتفع نقله الذهبي عنه في كتاب العرش /12.