البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{ٱلرَّحۡمَٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ} (5)

والظاهر رفع { الرحمن } على خبر مبتدأ محذوف تقديره هو { الرحمن } .

وقال ابن عطية : ويجوز أن يكون بدلاً من الضمير المستتر في { خلق } انتهى .

وأرى أن مثل هذا لا يجوز لأن البدل يحل محل المبدل منه ، و { الرحمن } لا يمكن أن يحل محل الضمير لأن الضمير عائد على من الموصولة و { خلق } صلة ، والرابط هو الضمير فلا يحل محله الظاهر لعدم الرابط .

وأجاز الزمخشري أن يكون رفع { الرحمن } على الابتداء قال يكون مبتدأ مشاراً بلامه إلى من خلق .

وروى جناح بن حبيش عن بعضهم أنه قرأ الرحمن بالكسر .

قال الزمخشري : صفة لمن خلق يعني لمن الموصولة ومذهب الكوفيين أن الأسماء النواقص التي لا تتم إلاّ بصلاتها نحو من وما لا يجوز نعتها إلاّ الذي والتي فيجوز نعتهما ، فعلى مذهبهم لا يجوز أن يكون { الرحمن } صفة لمن فالأحسن أن يكون { الرحمن } بدلاً من من ، وقد جرى { الرحمن } في القرآن مجرى العلم في ولايته العوامل .

وعلى قراءة الجر يكون التقدير هو { على العرش استوى } وعلى قراءة الرفع إن كان بدلاً كما ذهب إليه ابن عطية فكذلك أو مبتدأ كما ذكره الزمخشري ففي موضع الخبر أو خبر مبتدأ كما هو الظاهر ، فيكون { الرحمن } والجملة خبرين عن هو المضمر .

وتقدم الكلام على مثل هذه الجملة في الأعراف .

وما روي عن ابن عباس من الوقف على قوله { على العرش } ثم يقرأ { استوى له ما في السموات } على أن يكون فاعلاً لاستوى لا يصح إن شاء الله .