الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ٱلرَّحۡمَٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ} (5)

ثم قال : { الرحمن على العرض استوى }{[44852]}[ 4 ] .

أي : على عرشه ، ارتفع وعلا .

قال أبو عبيدة : استوى : علا .

وقال القتبي : استقر{[44853]} .

وقيل : معناه{[44854]} : استولى .

وأحسن الأقوال في هذه ( علا ) والذي يعتقده أهل السنة ، ويقولونه في هذا : إن الله جل ذكره ، سماواته على عرشه دون أرضه وأنه في كل مكان بعلمه ، وله تعالى ذكره كرسي وسع السماوات والأرض كما قال جل ذكره . وكذلك ذكر{[44855]} شيخنا أبو محمد بن أبي زيد{[44856]} رحمه الله .

وقد سأل رجل مالك عن هذا ، فقال له : كيف استوى ؟ فاحمرت وجنتا مالك ، وطأطأ رأسه ، ثم رفع رأسه فقال : الاستواء منه غير مجهول ، والكيف منه{[44857]} غير معقول ، والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ، وإني أخاف أن يكون ضالا . أخرجوه ، فأخرج ، فناداه الرجل ، يا أبا عبد الله ، والله الذي لا إله غيره ، لقد سألت عن هذه المسألة أهل البصرة ، وأهل الكوفة ، وأهل{[44858]} العراق ، إلى أن وردت عليك ، فلم أجد أحدا وفق لما وفقت له .

وروي أن خباب بن الأرت قرأ ( طه ) على عمر بن الخطاب إلى قوله { فتردى } فأسلم عمر عند ذلك{[44859]} .

و( العلى ) تمام{[44860]} إن رفعت ( الرحمن على الابتداء ، أو على إضمار مبتدأ ، فإن جهلته بدلا من الضمير{[44861]} في ( خلق ) لم تقف عليه .

و( استوى ) تمام إن جعلت ( الرحمن ) بدلا من الضمير في ( خلق ) أو على إضمار مبتدأ ، فإن جعلت ( له من في السموات ) في موضع خبر الرحمن ، لم تقف على استوى .


[44852]:انظر مجاز القرآن 2/15. وأبو عبيدة هو معمر بن المثنى اللغوي البصري (ت 209 هـ) انظر: ترجمته في نزهة الأنباء: 84 وبغية الوعاة 2/294.
[44853]:تفسير غريب القرآن 277.
[44854]:معناه سقطت من ز.
[44855]:ز: ذكره.
[44856]:هو أبو محمد بن أبي زيد القيرواني المالكي، عبد الله بن أبي زيد، شيخ المغرب، وكان يسمى مالكا الأصغر (ت 389 هـ) انظر: ترجمته في: الديباج المذهب 1/427 وشذرات الذهب 3/131.
[44857]:في ز زيادة لفظة كبير بعد منه.
[44858]:أهل سقطت من ز.
[44859]:انظر: تفسير القرطبي 11/163 والدر المنثور 4/293.
[44860]:ز: التمام.
[44861]:ز: الضمير (تحريف).