جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مَهۡدٗا وَسَلَكَ لَكُمۡ فِيهَا سُبُلٗا وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّن نَّبَاتٖ شَتَّىٰ} (53)

{ الَّذِي {[3166]}جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا } : كالمهد ، { وَسَلَكَ } : حصل { لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا } : تسلكونها { وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء } أي : المطر { فَأَخْرَجْنَا بِهِ } قيل : تم كلام موسى وهذا من كلام الله ، وقيل : من تمام كلام موسى لكن عدل إلى التكلم على الحكاية لكلام الله تنبيها على ظهور ما فيه ما الدلالة على كمال قدرته ، وإيذانا بأنه مطاع تذعن الأجناس المتفاوتة لمشيئته ، ويمكن أن يكون كلام موسى ، فأخرج بصيغة الغيبة لكن لما حكى الله قوله حكاه لفظا بلفظ حتى انتهى إلى قوله : " فأخرجنا " غير الأسلوب إلى التكلم تنبيها على عظم قدره ، وأنه أمر لا يدخل تحت قدرة غيره { أَزْوَاجًا } : أصنافا { مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى } : مفترقات{[3167]} جمع شتيت والنبات مصدر سمى به النابت فاستوى فيه الواحد والجمع فلهذا جاز وصفه بشتى التي هي جمع وقيل شتى صفة أزواجا .


[3166]:ثم إن كلام موسى قد تم عند قوله: "و لا ينسى"، وقوله: "الذي جعل" من كلام الله نبه على قدرته ووحدانيته، فأخبر عن نفسه مخالطا لنبيه عادلا عن الغيبة للإيذان بأنه مطاع لا يمتنع شيء عن إرادته، نحو: "وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء" (الأنعام:99)، وهذا الأوجه الأبلغ/ 12 وجيز.
[3167]:في النسخة (ن): متفرقات.