{ الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماءا فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى ( 53 ) كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك للآيات لأولي النهى ( 54 ) * منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ( 55 ) ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى ( 56 ) قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى ( 57 ) فلنأتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى ( 58 ) } .
{ الذي جعل لكم الأرض مهدا } أي مهدها مهدا أو ذات مهد ، وهو اسم لما يمهد كالفراش لما يفرش ، وقرئ مهادا . قال النحاس : والجمع أولى من المصدر لأن هذا الموضع ليس موضع مصدر إلا على حذف المضاف . وقيل مهاد مفرد كالفراش أو جمع معناه الفراش ؛ فالمهاد جمع المهد ، أي جعل كل موضع منها مهدا لكل واحد منكم ، وهذا من جملة كلام موسى في جواب فرعون عن سؤاله الأول فهو مرتبط بقوله ثم هدى ، لكنه ذكر في خلال كلامه على سبيل الاعتراض على سؤال فرعون الثاني وجوابه .
{ وسلك لكم فيها سبلا } السلك إدخال الشيء في الشيء ، والمعنى أدخل في الأرض لأجلكم طرقا تسلكونها وسهلها لكم ، ووسّطها بين الجبال والأودية والبراري تسلكونها من قطر إلى قطر لتقضوا منها مأربكم وتنتفعوا بمنافعها ومرافقها . وفي آية أخرى { الذي جعل لكم الأرض مهدا ، وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون } .
ثم قال سبحانه تتميما لما وصفه به موسى { وأنزل من السماء ماءا } هو ماء المطر . قيل إلى هنا انتهى كلام موسى ، وما بعده وهو { فأخرجنا به } من كلام الله سبحانه . قاله ابن عطية وتبعه المحلي وفيه بعد . وقيل : هو من الكلام المحكي عن موسى ، وإنما التفت إلى التكلم للتنبيه على ظهور ما فيه من الدلالة على كمال القدرة والحكمة وإيذانا بأنه مطاع تنقاد الأشياء المختلفة لمشيئته ، ونوقش بأن هذا خلاف الظاهر مع استلزامه فوت الالتفاف لعدم اتحاد المتكلم ، ويجاب عنه بأن الكلام كله محكي عن واحد وهو موسى ، والحاكي للجميع هو الله سبحانه . والمعنى فأخرجنا بذلك الماء بسبب الحرث والمعالجة .
{ أزواجا من نبات شتى } إي ضروبا وأشباها من أصناف النبات المختلفة الألوان والطعوم والروائح والمنافع ، فمنها ما هو للناس ، ومنها ما هو للدواب ، سميت بذلك لازدواجها ، واقتران بعضها ببعض .
والنبات مصدر سمي به النابت ، فاستوى فيه الواحد والجمع ، وشتى جمع شتيت وزنه فعلى وألفه للتأنيث وزنه فعلى وألفه للتأنيث .
وقال الأخفش : التقدير أزواجا شتى من نبات ، يقال أمر شت ، أي متفرق وشت الأمر شتا يشت شتا وشتاتا تفرق واشتت مثله ، والشتيت المتفرق ، وشتّ
. ان اسم فعل ماض بمعنى افترق ، ولذلك لا يكتفي بواحد ، قاله السمين ، قال ابن عباس : شيء مختلف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.