الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مَهۡدٗا وَسَلَكَ لَكُمۡ فِيهَا سُبُلٗا وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّن نَّبَاتٖ شَتَّىٰ} (53)

ثم قال تعالى : { الذي جعل لكم الأرض مهادا }[ 52 ] .

أي : فراشا يتمهدها الناس ، ولم يجعلها خربة خشنة .

ومن قرأ ( مهدا ){[45153]} فهو : مصدر وصفت الأرض به . أي : ذات مهد .

وقيل ( مهدا ) اسم وصفت الأرض به ، لأن الناس يتمهدونها فهي لهم كالمهد الذي يعرف{[45154]} .

وقيل : هما لغتان ، كاللبس واللباس ، والريش والرياش .

ثم قال تعالى : { وسلك لكم فيها سبلاْ } أي : طرقا .

ثم قال : { وأنزل من السماء ماء }[ 52 ] أي : مطرا .

{ فأخرجنا به أرواحا } خرج{[45155]} إلى الإخبار عن الله جل ذكره ، لأن كلام موسى مع فرعون انتهى إلى قوله : ( من السماء ماء . ثم أخبر الله تعالى عن نفسه بجميل صنعه{[45156]} لخلقه في معاشهم ومعاش أنعامهم فقال : { فأخرجنا به } .

وقيل : كله من كلام موسى ، أخبر موسى عن نفسه ، ومن معه بالزراعة والمعالجة{[45157]} في الحرث . فالماء هو سبب خروج النبات وبه تم وكمل . والمعالجة{[45158]} في الحرث وغيره لبني آدم بعون الله لهم وأقداره إياهم{[45159]} على ذلك . فلذلك أخبر عن نفسه فقال : فأخرجنا به أزواجا . وقد قال تعالى : { أفرأيتم ما تحرثون }{[45160]} فأضاف الحرث إلى الخلق ، وهو الزارع المنبث للحرث لا إله إلا هو . أي : أخرجنا بالمطر من الأرض أشباها وضروبا من نبات شتى . و( شتى ) : نعت للنبات أو للأزواج . ومعناه : مختلفة الأطعمة والرائحة والمنظر .


[45153]:وهي قراءة حمزة والكسائي. انظر: كتاب السبعة لابن مجاهد 418.
[45154]:ز: يعرف به.
[45155]:خرج سقطت من ز.
[45156]:ز: صفته (تحريف).
[45157]:ز: المفالحة.
[45158]:ز: المفحالة.
[45159]:ز: لهم.
[45160]:الواقعة: آية 66.