{ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى ( 53 ) } .
{ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا } أي فراشا { وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى } أي أصنافا من نبات مختلفة الأجناس ، في الطعام والرائحة والشكل والنفع .
جعل الزمخشري قوله تعالى : { فَأَخْرَجْنَا } من باب الالتفات . وناقشه الناصر ؛ بأن الالتفات إنما يكون في كلام المتكلم الواحد . يصرف كلامه على وجوه شتى . وما نحن فيه ليس كذلك ، فإن الله تعالى حكى عن موسى عليه السلام قوله لفرعون : { عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى } ثم قوله : { الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا } إلى قوله : { فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى } فإما أن يجعل من قول موسى ، فيكون من باب قول خواص الملك ( أمرنا وعمرنا ) وإنما يريدون الملك ، وليس هذا بالتفات . وإما أن يكون كلام موسى قد انتهى عن قوله : { ولا ينسى } ثم ابتدأ الله تعالى وصف ذاته بصفات إنعامه على خلقه ، فليس التفاتا أيضا . وإنما هو انتقال من حكاية إلى إنشاء خطاب . وعلى هذا التأويل ينبغي للقارئ أن يقف وقيفة عند قوله : { ولا ينسى } ليستقر بانتهاء الحكاية . ويحتمل وجها آخر وهو : أن موسى وصف الله تعالى بهذه الصفات على لفظ الغيبة . فقال : { الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى } فلما حكاه الله تعالى عنه ، أسند الضمير إلى ذاته . لأن الحاكي هو المحكي في كلام موسى . فمرجع الضميرين واحد . وهذا الوجه وجه حسن رقيق الحاشية . وهذا أقرب الوجوه إلى الالتفات . لكن الزمخشري لم يعنه . والله أعلم . انتهى كلام الناصر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.