جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحۡسَنَ ٱلۡحَدِيثِ كِتَٰبٗا مُّتَشَٰبِهٗا مَّثَانِيَ تَقۡشَعِرُّ مِنۡهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمۡ وَقُلُوبُهُمۡ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهۡدِي بِهِۦ مَن يَشَآءُۚ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٍ} (23)

{ الله نزّل أحسن الحديث } ، أي : القرآن ، { كتابا } ، بدل أو حال ، { متشابها } : يشبه بعضه بعضا في الفصاحة ، أو صحة المعنى من غير مخالفة ، { مثاني } ، جمع مثنى مفعل ، من التثنية بمعنى الإعادة ، والتكرير ، فإن قصصه وأحكامه ومواعظه ووعده ووعيده مكرر معاد لكتابا ، وهو في الحقيقة صفة ما يتضمنه الكتاب من السور ، والآيات ، وعن بعضهم : إن سياق الكلام إذا كان في معنى واحد يناسب بعضه بعضا فهو المتشابه ، وإن كان يذكر الشيء وضده كذكر المؤمنين ، ثم الكافرين ، والجنة ، ثم النار ، كقوله تعالى : { إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم } ( الانفطار : 13 ، 14 ) فهو من المثاني ، { تقشعر } : تضطرب وتشمئز ، { منه } : من القرآن ، لأجل خشية الله ، { جلود الذين يخشون ربهم } ، وفي الحديث : ''إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تعالى ، تحاتت منه ذنوبه كما يتحات عن الشجر اليابسة ورقها'' { ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله } ، لما يرجون من رحمته ، ولطفه ، فهم بين الخوف والرجاء ، ولتضمين معنى السكون عداه بإلى ، { ذلك } ، أي : الكتاب ، أو الخوف والرجاء ، { هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد } .