جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ دَحَىٰهَآ} (30)

{ والأرض بعد ذلك دحاها } : بسطها ، خلق الأرض قبل السماء لكن دحوها بعدها ، نقل ذلك عن ابن عباس ، وفيه إشكال لأن الدحو هو البسط ، وخلق الجبال ، والأنهار ، والمراعي ، كما صرح ابن عباس ، وقد مر في سورة " حم " السجدة أن ذلك مقدم على خلق السماء ، ويدل على ذلك صريح الآية في تلك السورة ، وأيضا كثير من الصحابة صرحوا بأن خلق نفس الأرض في يوم الأحد والاثنين ، وخلق الجبال والآكام وما بينهما في الثلاثاء والأربعاء ، وخلق السماء في الخميس والجمعة ، قيل : فالوجه أن يجعل الأرض منصوبا بمضمر ، نحو تذكر وتدبر ، أو اذكر الأرض بعد ذلك وإن جعل مضمرا على شريطة التفسير ، جعل بعد ذلك إشارة إلى المذكور سابقا ، من ذكر السماء لا خلق السماء نفسه ، ليدل على أنه متأخر في الذكر عن خلق السماء ، تنبيها على أنه قاصر في الدلالة عن الأول ، لكنه تتميم ، ولو قلنا : إن " ثم " في قوله " ثم استوى إلى السماء " في سورة حم السجدة ، لتفاوت ما بين الخلقين لا للتراخي في المدة ، ويكون دحو الأرض بعد خلق السماء ، لما يبقى مخالفة بين الآيتين ، لكن مخالف لإطباق أهل التفسير ، ثم خلق الأرض وما فيها في أربعة أيام ، ثم خلق السماء وما فيها في يومين ، إلا ما نقل الواحدي في البسيط ، عن مقاتل : أن خلق السماء مقدم على إيجاد الأرض فضلا عن دحوها ، وعلى أي وجه لا يخلوا عن إشكال فلا تغفل ،