النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ دَحَىٰهَآ} (30)

{ والأرضَ بَعْد ذلك دَحاها } في قوله " بَعْد " وجهان :

أحدهما : مع وتقدير الكلام : والأرض مع ذلك دحاها ، لأنها مخلوقة قبل السماء ، قاله ابن عباس ومجاهد .

الثاني : أن " بعد " مستعملة على حقيقتها لأنه خلق الأرض قبل السماء ثم دحاها بعد السماء ، قاله ابن عمر وعكرمة .

وفي " دحاها " ثلاثة أوجه :

أحدها : بسطها ، قاله ابن عباس ، قال أمية بن أبي الصلت :

وَبَثَّ الخلْق فيها إذْ دَحاها *** فَهُمْ قُطّانُها حتى التنادي

قال عطاء : من مكة دحيت الأرض ، وقال عبد الله بن عمر : من موضع الكعبة دحيت .

الثاني : حرثها وشقها ، قاله ابن زيد .

الثالث : سوّاها ، ومنه قول زيد بن عمرو :

وأسْلَمْتُ وجهي لمن أسْلَمتْ *** له الأرضُ تحمل صَخْراً ثِقالا

دحاها فلما اسْتَوتْ شدّها *** بأيْدٍ وأرْسَى عليها الجبالا