السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ دَحَىٰهَآ} (30)

{ والأرض بعد ذلك } أي : بعد المذكور كله { دحاها } أي : بسطها ومهدها للسكنى وبقية المنافع ، وكانت مخلوقة قبل السماء من غير دحو فلا معارضة بينها وبين آية فصلت ؛ لأنه خلق الأرض أولاً غير مدحوة ثم خلق السماء ، ثم دحا الأرض . قال ابن عباس رضي الله عنهما : خلق الله تعالى الأرض بأقواتها من غير أن يدحوها قبل السماء فسوّاها سبع سماوات ثم دحا الأرض بعد ذلك . وقيل : معناه والأرض مع ذلك دحاها كقوله تعالى : { عتلّ بعد ذلك } [ القلم : 13 ] أي : مع ذلك ، ومنه قولهم : أنت أحمق ، وأنت بعد هذا سيء الخلق .

وقيل : بعد بمعنى قبل كقوله تعالى : { ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر } [ الأنبياء : 105 ] أي : من قبل ، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : خلق الله تعالى الكعبة ووضعها على الماء على أربعة أركان قبل أن يخلق الدنيا بألفي عام ، ثم دحيت الأرض من تحت البيت .