الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{كَذَٰلِكَۖ وَقَدۡ أَحَطۡنَا بِمَا لَدَيۡهِ خُبۡرٗا} (91)

قوله : { كَذَلِكَ } : الكافُ : إمَّا مرفوعةُ المحلِّ ، أي : الأمر كذلك . أو منصوبتُه ، أي : فَعَلْنا مثلَ ذلك .

قوله : { بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ } " بين " هنا يجوز أن يكونَ طرفاً ، والمفعولُ محذوفٌ ، أي : بلغ غَرَضَه ومقصودَه ، وأَنْ يكونَ مفعولاً به على الاتِّساع ، أي : بلغ المكانَ الحاجزَ بينهما .

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بفتح سين " السَّدَّين " و " سَدَّا " في هذه السورةِ ، وحفص فتح الجميع ، أعني موضعَيْ هذه السورة وموضعَيْ سورةِ يس . وقرأ الأخَوان بالفتح في " سَدَّاً " في سورتيه وبالضمِّ في " السُّدَّيْن " . والباقون بالضم في الجميع . فقيل : هما بمعنى واحد . / وقيل : المضمومُ ما كان من فِعْلِ اللهِ تعالى ، والمفتوحُ ما كان مِنْ فِعْلِ الناس . وهذا مرويٌ عن عكرمةَ والكسائي وأبي عبيد . وهو مردودٌ : بأن السَّدَّيْن في هذه السورة جَبَلان ، سَدَّ ذو القرنين بينهما بسَدّ ، فهما مِنْ فِعْلِ اللهِ ، والسَّدُُّ الذي فعله ذو القرنين مِنْ فِعْل المخلوق . و " سَدّاً " في يس مِنْ فِعْلِ الله تعالى لقولِه : " وجَعَلْنا " ، ومع ذلك قُرِئ في الجميع بالفتح والضمِّ . فَعُلِم أنهما لغتان كالضَّعْف والضُّعف والفَقْر والفُقْر . وقال الخليل : المضمومُ اسمٌ ، والمفتوحُ مصدرٌ . وهذا هو الاختيارُ .