الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فِيمَ أَنتَ مِن ذِكۡرَىٰهَآ} (43)

قوله : { فِيمَ أَنتَ } : " فيم " خبرٌ مقدمٌ ، و " أنت " مبتدأٌ مؤخرٌ و " مِنْ ذِكْراها " متعلِّقٌ بما تعلَّقَ به الخبرُ ، والمعنى : أنت في أيِّ شيءٍ مِنْ ذِكْراها ، أي : ما أنت مِنْ ذكراها لهم وتبيينِ وقتِها في شيءٍ . وقال الزمخشريُّ عن عائشةَ رضي الله عنها : " لم يَزَلْ عليه السلامُ يَذْكُرِ الساعةَ ، ويُسْألُ عنها حتى نَزَلَتْ " . قال : فعلى هذا هو تَعَجُّبٌ مِنْ كثرةِ ذِكْرِه لها ، كأنَّه قيل : في أيِّ شُغْلٍ واهتمامٍ أنا مِنْ ذِكراها والسؤال عنها " . وقيل : الوقفُ على قولِه : " فيمَ " وهو خبرُ مبتدأ مضمرٍ ، أي : فيم هذا السؤالُ ، ثم يُبْتدأ بقولِه : { أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا } ، أي : إرسالُك وأنت خاتمُ الأنبياءِ ، وآخرُ الرسلِ ، والمبعوثُ في نَسْمِ الساعةِ ، ذِكْرٌ مِنْ ذِكْراها وعلامةُ مِنْ علاماتِها ، فكَفاهم بذلك دليلاً على دُنُوِّها ومشارَفَتِها والاستعدادِ لها ، ولا معنى لسؤالِهم عنها ، قاله الزمخشري ، وهو كلامٌ حسنٌ لولا أنه يُخالِفُ الظاهرَ ومُفَكِّكٌ لنَظْمِ الكلامِ .