إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فِيمَ أَنتَ مِن ذِكۡرَىٰهَآ} (43)

وقولُه تعالَى : { فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا } إنكارٌ وردٌّ لسؤالِ المشركينَ عنْهَا أيْ في أيِّ شيءٍ أنتَ مِنْ أنْ تذكرَ لهُم وقتَها وتعلمهم بهِ حَتَّى يسألُونكَ بيانَها ، كقولِه تعالَى : { يَسْألُونَكَ كَأنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا } [ سورة الأعراف ، الآية 187 ] أي ما أنتَ من ذِكْراهَا لهُم وتبيينِ وقتِها في شيءٍ لأنَّ ذلكَ فرعُ علمكَ به وأنَّى لكَ ذلكَ وهو مما استأثرَ بعلمه علامُ الغيوبِ ومن قال بصدد التعليل فإنَّ ذكرَها لا يزيدُهم إلا غياً فقد نَأَى عن الحقِّ وقيلَ : فيمَ إنكارٌ لسؤالهم وما بعدَهُ من الاستئنافِ تعليلٌ للإنكار وبيانٌ لبطلان السؤالِ أيْ فيمَ هذا السؤالُ ثمَّ ابتُدِئَ فقيلَ : أنتَ من ذِكرَاها ، أي إرسالُك وأنتَ خاتمُ الأنبياءِ المبعوثُ في نسيم الساعةِ علامةٌ من علاماتِها ، ودليلٌ يدُلُّهم على العلمِ بوقُوعِها عن قريبٍ فحسبُهم هذه المرتبةُ من العلمِ .