البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{۞وَإِلَىٰ مَدۡيَنَ أَخَاهُمۡ شُعَيۡبٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥۖ وَلَا تَنقُصُواْ ٱلۡمِكۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَۖ إِنِّيٓ أَرَىٰكُم بِخَيۡرٖ وَإِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٖ مُّحِيطٖ} (84)

كان قوم شعيب عبدة أوثان ، فدعاهم إلى عبادة الله وحده .

وبالكفر استوجبوا العذاب ، ولم يعذب الله أمة عذاب استئصال إلا بالكفر ، وإن انضافت إلى ذلك معصية كانت تابعة .

قال ابن عباس : بخير أي : في رخص الأسعار وعذاب اليوم المحيط ، هو حلول الغلاء المهلك .

وينظر هذا التأويل إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم : « ما نقص قوم المكيال والميزان إلا ارتفع عنهم الرزق » ونبه بقوله بخير على العلة المقتضية للوفاء لا للنقص .

وقال غيره : بثروة وسعة تغنيكم عن التطفيف ، أو بنعمة من الله حقها أن تقابل بغير ما تفعلون ، أو أراكم بخير فلا تزيلوه عنكم بما أنتم عليه .

يوم محيط أي : مهلك من قوله : { وأحيط بثمره } وأصله من إحاطة العدو ، وهو العذاب الذي حل بهم في آخره .

ووصف اليوم بالإحاطة أبلغ من وصف العذاب به ، لأن اليوم زمان يشتمل على الحوادث ، فإذا أحاط بعذابه فقد اجتمع للمعذب ما اشتمل عليه منه ، كما إذا أحاط بنعيمه .