البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَۖ وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ بِبَعِيدٖ} (83)

مسومة عليها سيما يعلم بها أنها ليست من حجارة الأرض قاله : ابن جريج .

وقال عكرمة وقتادة : إنه كان فيها بياض .

وقيل : مكتوب على كل حجر اسم من رمى به ، قاله الربيع .

وعن ابن عباس ، والحسن : بياض في حمرة .

وعن ابن عباس أيضاً : الحجر أبيض فيه نقطة سوداء ، وأسود فيه نقطة بيضاء .

وعن عكرمة وقتادة أيضاً : فيها خطوط حمر على هيئة الجزع .

وقيل : وكانت مثل رؤوس الإبل ، ومثل مبارك الإبل .

وقيل : قبضة الرجل .

قال ابن عباس ومقاتل : معنى من عند ربك ، جاءت من عند ربك .

وقيل : معدة عند ربك قاله : أبو بكر الهذلي .

قال ابن الأنباري : المعنى لزم هذا التسويم الحجارة عند الله إيذاناً بنفاذ قدرته وشدة عذابه .

والظاهر أن ضمير هي عائد على القرى التي جعل الله أعاليها أسافلها ، والمعنى : أنّ ذوات هذه المدن كانت بين المدينة والشام ، يمرّ عليها قريش في مسيرهم ، فالنظر إليها وفيها فيه اعتبار واتعاظ .

وقيل : وهي عائدة على الحجارة ، وهي أقرب مذكور .

وقال ابن عباس : وما عقوبتهم ممن يعمل عملهم ببعيد ، والظاهر عموم الظالمين .

وقيل : عنى به قريش .

وفي الحديث : « إنه سيكون في أمتي خسف ومسخ وقذف بالحجارة » وقيل : مشركو العرب .

وقيل : قوم لوط أي : لم تكن الحجارة تخطئهم .

وفي الحديث : « سيكون في أواخر أمتي قوم يكتفي رجالهم بالرجال والنساء بالنساء فإذا كان كذلك فارتقبوا عذاب قوم لوط أن يرسل الله عليهم حجارة من سجيل ثم تلا وما هي من الظالمين ببعيد » وإذا كان الضمير في قوله : وما هي ، عائد على الحجارة ، فيحتمل أن يراد بشيء بعيد ، ويحتمل أن يراد بمكان بعيد ، لأنها وإن كانت في السماء وهي مكان بعيد إلا أنها إذا هويت منها فهي أسرع شيء لحوقاً بالمرمى ، فكأنها بمكان قريب منه .