ولما أغرت بيوسف وأظهرت تهمته احتاج إلى إزالة التهمة عن نفسه فقال : هي راودتني عن نفسي ، ولم يسبق إلى القول أولاً ستراً عليها ، فلما خاف على نفسه وعلى عرضه الطاهر قال : هي ، وأتى بضمير الغيبة ، إذ كان غلب عليه الحياء أن يشير إليها ويعينها بالإشارة فيقول : هذه راودتني ، أو تلك راودتني ، لأن في المواجهة بالقبيح ما ليس في الغيبة .
ولما تعارض قولاهما عند العزيز وكان رجلاً فيه إناءة ونصفة ، طلب الشاهد من كل منهما ، فشهد شاهد من أهلها .
فقال أبو هريرة ، وابن عباس ، والحسن ، وابن جبير ، وهلال بن يساف ، والضحاك : كان ابن خالتها طفلاً في المهد أنطقه الله تعالى ليكون أدل على الحجة .
وروي في الحديث : «أنه من الصغار الذين تكلموا في المهد » وأسنده الطبري .
وفي صحيح البخاري وصحيح مسلم : " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى بن مريم ، وصاحب جريج ، وابن السوداء " وقيل : كان ابن عمها الذي كان مع زوجها لدى الباب ، ولا ينافي هذا قول قتادة ، كان رجلاً حليماً من أهلها ذا رأي يأخذ الملك برأيه ويستشيره .
وقيل : كان حكماً حكمه زوجها فحكم بينهما ، وكان الشاهد من أهلها ليكون أوجب للحجة عليها ، وأوثق لبراءة يوسف ، وأنفى للتهمة .
ويحتمل أن يكون معهما في الدار بحيث لا يشعر به ، فبصر بما جرى بينهما ، فأغضبه الله ليوسف ، وشهد بالحق .
ويبعد قول مجاهد وابن حبيب أنّ الشاهد هو القميص المقدود لقوله : شاهد من أهلها ، ولا يوصف القميص بكونه شاهداً من أهل المرأة .
وسمى الرجل شاهداً من حيث دل على الشاهد ، وهو تخريق القميص .
وقال الزمخشري : سمى قوله شهادة لأنه أدى تأديتها في ثبت قول يوسف وبطل قولها ، وإن كان قميصه محكي إما بقال مضمرة على مذهب البصريين ، وإما بشهد ، لأنّ الشهادة قول من الأقوال على مذهب الكوفيين .
وكان هنا دخلت عليها أداة الشرط ، وتقدم خلاف المبرد والجمهور فيها ، هل هي باقية على مضيها ولم تقلها أداة الشرط ؟ أو المعنى : أن يتبين كونه .
فأداة الشرط في الحقيقة إنما دخلت على هذا المقدر .
وجواب الشرط فصدقت وفكذبت ، وهو على إضمار قد أي : فقد صدقت ، وفقد كذبت .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.