نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قَالَ هِيَ رَٰوَدَتۡنِي عَن نَّفۡسِيۚ وَشَهِدَ شَاهِدٞ مِّنۡ أَهۡلِهَآ إِن كَانَ قَمِيصُهُۥ قُدَّ مِن قُبُلٖ فَصَدَقَتۡ وَهُوَ مِنَ ٱلۡكَٰذِبِينَ} (26)

فكأنه قيل : فماذا{[41140]} قال حين قذفته بهذا ؟ فقيل { قال } دافعاً عن نفسه لا هاتكاً لها { هي } بضمير الغيبة لاستيحائه عن مواجهتها بإشارة أو ضمير خطاب { راودتني عن نفسي } وما قال ذلك إلا حين اضطرته إليه بنسبته إلى الخيانة ، وصدقه لعمري فيما قال لا يحتاج إلى بيان أكثر من الحال الذي كانا فيه ، وهو أنهما عند الباب ، ولو كان الطلب{[41141]} منه لما كانا إلا في محلها الذي تجلس فيه ، وهو صدر البيت وأشرف موضع فيه { وشهد } ولما كان كل صالح للشهادة كافياً ، فلم تدع ضرورة إلى تعيينه ، قال : { شاهد } أي عظيم { من أهلها } لأن الأهل أعظم في الشهادة ، رضيع ببراءته - نقله الرماني عن ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهما وسعيد ابن جبير{[41142]} ، كما شهد للنبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع صبي من أهل اليمامة{[41143]} يوم ولد بأنه رسول الله ، فكان يدعى{[41144]} : مبارك اليمامة{[41145]} .

فقال ذلك الشاهد { إن كان } أي حال المراوغة { قميصه } أي فيما يتبين{[41146]} لكم { قدَّ } أي شق شقاً مستأصلاً { من{[41147]} قبل } أي من جهة ما أقبل من جسده { فصدقت{[41148]} } ولا بد من تقدير فعل التبين{[41149]} ، لأن الشروط لا تكون{[41150]} معانيها إلا مستقبلة ولو{[41151]} كانت ألفاظها ماضية .

ولما كان صدقها ليس قاطعاً في منع صدقه ، قال : { وهو من الكاذبين * } لأنه لولا إقباله - وهي تدفعه عنها أو تهرب منه وهو يتبعها ويعثر في قميصه - ما كان القد من القبل{[41152]}


[41140]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: فما.
[41141]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: المطلب.
[41142]:راجع لباب التأويل 3/227 والبحر 5/297.
[41143]:العبارة من هنا إلى " مبارك اليمامة" سقطت من ظ.
[41144]:في مد: يدع.
[41145]:وهذا الحديث قد أخرجه البيهقي وابن عساكر عن معيقيب اليماني- راجع الخصائص الكبرى للسيوطي 2/39.
[41146]:من م، وفي الأصل و ظ ومد: يبين.
[41147]:تقدم في ظ على " أي شق".
[41148]:زيد بعده في ظ: أي والعبارة من هنا إلى " ماضية" ساقطة من م.
[41149]:من ظ ومد، وفي الأصل: التبيين.
[41150]:في مد: لا يكون.
[41151]:في مد: إن.
[41152]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: قبل.