غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالَ هِيَ رَٰوَدَتۡنِي عَن نَّفۡسِيۚ وَشَهِدَ شَاهِدٞ مِّنۡ أَهۡلِهَآ إِن كَانَ قَمِيصُهُۥ قُدَّ مِن قُبُلٖ فَصَدَقَتۡ وَهُوَ مِنَ ٱلۡكَٰذِبِينَ} (26)

21

{ قال } يوسف { هي راودتني عن نفسي } وإنما صرح بذلك لأنها عرضته للسجن والعذاب فوجب عليه الدفع عن نفسه ولولا ذلك لكتم عليها . قال سبحانه { وشهد شاهد من أهلها } قال جمع من المفسرين : الشاهد ابن عم المرأة وكان رجلاً حكيماً ، اتفق في ذلك الوقت أنه كان مع العزيز فقال : قد سمعت الجلبة من وراء الباب وشق القميص إلا أنا لا ندري أيكما قدام صاحبه ، فإن كان شق القميص من قدام فأنت صادقة والرجل كاذب ، وإن كان من خلف فالرجل صادق وأنت كاذبة ، فلما نظروا إلى القميص ورأوا الشق من خلفه قال ابن عمها : { إنه من كيدكن } وعن ابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك أن الشاهد ابن خال لها وكان صبياً في المهد وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه " تكلم أربعة وهم صغار : ابن ماشطة بنت فرعون ، وشاهد يوسف ، وصاحب جريج ، وعيسى ابن مريم " وعن مجاهد : الشاهد هو القميص المشقوق من خلف وضعف بأن القميص لا يوصف بالشهادة ولا بكونه من الأهل ، واعترض على القول الأول بأن العلامة المذكورة لا تدل قطعاً على براءة يوسف لاحتمال أن الرجل قصد المرأة وهي قد غضبت عليه ففر فعدت خلفه كي تدركه وتضربه ضرباً وجيعاً . وأجيب بأن هناك أمارات أخر منها أن يوسف كان عبداً لهم والعبد لا يمكنه أن يتسلط على مولاه إلى هذا الحد ، ومنها قرينة الحال كتزين المرأة فوق المعتاد وما شوهد من أحوال يوسف في مدة إقامته بمنزلهم . واعترض على القول الثاني بأن شهادة الصبي أمر خارق للعادة فتكون حجة قطعية فلم يبق للاستدلال بحال القميص ولا لكونه من أهلها فائدة . وأيضاً لفظ { شاهد } لا يقع في العرف إلا على من تقدمت معرفته بالواقعة . والجواب أن تعيين الطريق في الإخبار والإعلام غير لازم ، وكون الشاهد من أهلها أوجب للحجة عليها وألزم لها والشاهد ههنا مجاز ووجه حسنه أنه أدى مؤدى الشاهد حيث ثبت به قول يوسف وبطل قولها . قال في الكشاف : التنكير في " قبل " . و " دبر " معناه من جهة يقال لها قبل ومن جهة يقال لها دبر .

/خ35