فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ هِيَ رَٰوَدَتۡنِي عَن نَّفۡسِيۚ وَشَهِدَ شَاهِدٞ مِّنۡ أَهۡلِهَآ إِن كَانَ قَمِيصُهُۥ قُدَّ مِن قُبُلٖ فَصَدَقَتۡ وَهُوَ مِنَ ٱلۡكَٰذِبِينَ} (26)

فلما سمع يوسف مقالتها أراد أن يبرهن عن نفسه { قال هي راودتني عن نفسي } يعني طلبت مني الفحشاء فأبيت وفررت والجملة مستأنفة كالجملة الأولى وقد تقدم بيان معنى المراودة أي هي التي طلبت مني ذلك ولم أرد بها سوءا ، ولم يقل هذه ولا تلك لفرط استحيائه وهو أدب حسن حيث أتى بلفظ الغيبة دون الحضور ولم يكن يريد أن يذكر هذا القول ولا يهتك سترها ولكن لما قالت هي ما قالت ولطخت عرضه احتاج إلى إزالة هذه التهمة عن نفسه فقال ما قال .

{ وشهد شاهد من أهلها } أي من قرابتها وسمي الحكم بينهما شهادة لما يحتاج فيه من التثبت والتأمل ، قيل لما التبس الأمر على العزيز احتاج إلى حاكم يحكم بينهما ليتبين له الصادق من الكاذب قيل كان ابن عم لها واقفا مع العزيز في الباب وقيل ابن خال لها وقيل أنه الطفل في المهد تكلم قال السهيلي : وهو الصحيح للحديث الوارد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر من تكلم في المهد وذكر من جملتهم شاهد يوسف .

وقيل إنه رجل حكيم كان العزيز يستشيره في أموره وكان من قرابة المرأة قال ابن عباس : ظبي أنطقه الله كان في الدار وعنه قال : كان رجل ذا لحية من خاصة الملك وعن الحسن قال : هو رجل له فهم وعلم وعن مجاهد قال : إنه ليس بإنسي ولا جني هو خلق من خلق الله ، قلت ولعله لم يحضر قوله تعالى من أهلها وإنما كان الشاهد من أهل المرأة وقرابتها ليكون أقوى في نفي التهمة عن يوسف مع ما وجد من كثرة العلامات الدالة على صدقه .