البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَتَىٰٓ أَمۡرُ ٱللَّهِ فَلَا تَسۡتَعۡجِلُوهُۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (1)

مقدمة السورة:

سورة النحل

قال الحسن ، وعطاء ، وعكرمة ، وجابر : هي كلها مكية .

وقال ابن عباس : إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة بعد حمزة وهي قوله : { ولا تشتروا بعهد الله ثمناً قليلاً } إلى قوله : { بأحسن ما كانوا يعملون } وقيل : إلا ثلاث آيات { وإن عاقبتم } الآية نزلت في المدينة في شأن التمثيل بحمزة وقتلى أحد ، وقوله : { واصبر وما صبرك إلا بالله } وقوله : { ثم إن ربك للذين هاجروا } وقيل : من أولها إلى قوله : { يشركون } مدني وما سواه مكي .

وعن قتادة عكس هذا .

0

0

وعن ابن عباس المراد بالأمر : نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وظهوره على الكفار .

وقال الزمخشري : كانوا يستعجلون ما وعدوا من قيام الساعة ، أو نزول العذاب بهم يوم بدر استهزاء وتكذيباً بالوعد انتهى .

وهذا الثاني قاله ابن جريج قال : الأمر هنا ما وعد الله نبيه من النصر وظفره بأعدائه ، وانتقامه منهم بالقتل والسبي ونهب الأموال ، والاستيلاء على منازلهم وديارهم .

وقال الضحاك : الأمر هنا مصدر أمر ، والمراد به : فرائضه وأحكامه .

قيل : وهذا فيه بعد ، لأنه لم ينقل أنّ أحداً من الصحابة استعجل فرائض من قبل أن تفرض عليهم .

وقال الحسن وابن جريج أيضاً : الأمر عقاب الله لمن أقام على الشرك ، وتكذيب الرسول ، واستعجال العذاب منقول عن كثير من كفار قريش وغيرهم .

وقريب من هذا القول قول الزجاج : هو ما وعدهم به من المجازاة على كفرهم .

وقيل : الأمر بعض أشراط الساعة .

وأتى قيل : باق على معناه من المضي ، والمعنى : أقي أمر الله وعداً فلا تستعجلوه وقوعاً .

وقيل : أتى أمر الله ، أتت مبادئه وأماراته .

وقيل : عبر بالماضي عن المضارع لقرب وقوعه وتحققه ، وفي ذلك وعيد للكفار .

وقرأ الجمهور : تستعجلوه بالتاء على الخطاب ، وهو خطاب للمؤمنين أو خطاب للكفار على معنى : قل لهم فلا تستعجلوه .

وقال تعالى : { يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها } وقرأ ابن جبير : بالياء نهياً للكفار ، والظاهر عود الضمير في فلا تستعجلوه على الأمر لأنه هو المحدث عنه .

وقيل : يعود على الله أي : فلا تستعجلوا الله بالعذاب ، أو بإتيان يوم القيامة كقوله : { ويستعجلونك بالعذاب } وقرأ حمزة والكسائي : تشركون بتاء الخطاب ، وباقي السبعة والأعرج وأبوه جعفر ، وابن وضاح ، وأبو رجاء ، والحسن .

وقرأ عيسى : الأولى بالتاء من فوق ، والثانية بالياء والتاء من فوق معاً ؛ الأعمش ، وأبو العالية ، وطلحة ، وأبو عبد الرحمن ، وابن وثاب ، والجحدري ، وما يحتمل أن تكون بمعنى الذي ومصدرية .

وأفضل قراءته عما يشركون باستعجالهم ، لأن استعجالهم استهزاء وتكذيب ، وذلك من الشرك .