البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَمۡ لَهُمۡ ءَالِهَةٞ تَمۡنَعُهُم مِّن دُونِنَاۚ لَا يَسۡتَطِيعُونَ نَصۡرَ أَنفُسِهِمۡ وَلَا هُم مِّنَّا يُصۡحَبُونَ} (43)

{ أم لهم آلهة } بمعنى بل ، والهمزة كأنه قيل بل ألهم آلهة فأضرب ثم استفهم { تمنعهم } من العذاب .

وقال الحوفي { من دوننا } متعلق بتمنعهم انتهى .

قيل : والمعنى ألهم آلهة تجعلهم في منعة وعز من أن ينالهم مكروه من جهتنا .

وقال ابن عباس : في الكلام تقديم وتأخير ، تقديره أم لهم آلهة من دوننا تمنعهم تقول : منعت دونه كففت أذاه فمن دوننا هو من صلة { آلهة } أي أم لهم آلهة دوننا أو من صلة { تمنعهم } أي { أم لهم } مانع من سوانا .

ثم استأنف الإخبار عن آلهتهم فبيَّن أن ما ليس بقادر على نصر نفسه ومنعها ولا بمصحوب من الله بالنصر والتأييد كيف يمنع غيره وينصره ؟ وقال ابن عباس { يصحبون } يمنعون .

وقال مجاهد : ينصرون .

وقال قتادة : لا يصحبون من الله بخير .

وقال الشاعر :

ينادي بأعلى صوته متعوذاً *** ليصحب منا والرماح دوان

وقال مجاهد : يحفظون .

وقال السدّي : لا يصحبهم من الملائكة من يدفع عنهم ، والظاهر عود الضمير في { ولا هم } على الأصنام وهو قول قتادة .

وقيل : على الكفار وهو قول ابن عباس ، وفي التحرير مدار هذه الكلمة يعني { يصحبون } على معنيين أحدهما أنه من صحب يصحب ، والثاني من الإصحاب أصحب الرجل منعه من الآفات .