اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَمۡ لَهُمۡ ءَالِهَةٞ تَمۡنَعُهُم مِّن دُونِنَاۚ لَا يَسۡتَطِيعُونَ نَصۡرَ أَنفُسِهِمۡ وَلَا هُم مِّنَّا يُصۡحَبُونَ} (43)

قوله : { أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ } «أَمْ » منقطعة{[28511]} ، أي بل ألهم{[28512]} ؟ فالميم صلة والمعنى : ألهم آلهة تمنعهم ، وقد تقدم ما فيها{[28513]} .

وقوله : «من دُونِنَا » فيه وجهان :

أحدهما : أنه متعلق ب «تَمْنَعُهُمْ » قبل ، والمعنى : ألهم آلهة تجعلهم في منعة وعز ، وإلى{[28514]} هذا ذهب الحوفي{[28515]} .

والثاني : أنه متعلق بمحذوف ، لأنه صفة ل «آلهة » ، أي آلهة من دوننا تمنعهم ، ولذلك قال ابن عباس إن في الكلام تقديماً وتأخيراً{[28516]} .

ثم وصف الآلهة بالضعف فقال : { لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ } وهذا مستأنف لا محل له{[28517]} ، ويجوز أن يكون صفة ل «آلهة » ، وفيه بعد من حيث المعنى .

قال ابن الخطيب : «لا يسطيعون » خبر مبتدأ محذوف ، أي فهذه الآلهة لا تستطيع حماية أنفسها عن الآفات{[28518]} ، وحماية النفس أولى من حماية الغير ، فإذا لم تقدر على حماية نفسها فكيف تقدر على حماية غيرها{[28519]} .

قوله : { وَلاَ هُمْ مِّنَّا يُصْحَبُونَ } . قال ابن عباس{[28520]} : يجاورون ، تقول العرب : أنا لك جار وصاحب من فلان ، أي مجير عنه . وقال مجاهد : يُنْصَرُونَ . وقال قتادة : لا يصحبون من الله بخير .


[28511]:وهي للإضراب المتضمن معه استفهاما إنكاريا.
[28512]:في ب: بل لهم. وهو تحريف.
[28513]:في هذه السورة.
[28514]:في ب: وا إلى. وهو تحريف.
[28515]:البحر المحيط 6/314.
[28516]:تقديره: أم لهم آلهة من دوننا تمنعهم انظر البحر المحيط 6/314.
[28517]:انظر التبيان: 2/918، البحر المحيط 6/314.
[28518]:في ب: عن الآيات. وهو تحريف.
[28519]:الفخر الرازي 22/174.
[28520]:من هنا نقله ابن عادل عن البغوي 5/489.