فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَمۡ لَهُمۡ ءَالِهَةٞ تَمۡنَعُهُم مِّن دُونِنَاۚ لَا يَسۡتَطِيعُونَ نَصۡرَ أَنفُسِهِمۡ وَلَا هُم مِّنَّا يُصۡحَبُونَ} (43)

{ أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مّن دُونِنَا } : «أم » هي المنقطعة التي بمعنى بل ، والهمزة للإضراب والانتقال عن الكلام السابق المشتمل على بيان جهلهم بحفظه سبحانه إياهم إلى توبيخهم وتقريعهم باعتمادهم على من هو عاجز عن نفع نفسه ، والدفع عنها . والمعنى : بل لهم آلهة تمنعهم من عذابنا . وقيل : فيه تقديم وتأخير ، والتقدير : أم لهم آلهة من دوننا تمنعهم . ثم وصف آلهتهم هذه التي زعموا أنها تنصرهم بما يدلّ على الضعف والعجز فقال : { لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلاَ هُمْ مّنَّا يُصْحَبُونَ } أي هم عاجزون عن نصر أنفسهم فكيف يستطيعون أن ينصروا غيرهم { ولا هم منا يصحبون } أي ولا هم يجارون من عذابنا . قال ابن قتيبة : أي لا يجيرهم منا أحد ، لأن المجير صاحب الجار ، والعرب تقول : صحبك الله ، أي حفظك وأجارك ، ومنه قول الشاعر :

ينادي بأعلى صوته متعوّذا *** ليصحب منا والرماح دواني

تقول العرب : أنا لك جار وصاحب من فلان ، أي مجير منه . قال المازني : هو من أصحبت الرجل : إذا منعته .

/خ43