البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّيۡحَةُ بِٱلۡحَقِّ فَجَعَلۡنَٰهُمۡ غُثَآءٗۚ فَبُعۡدٗا لِّلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (41)

الغثاء : الزبد وما ارتفع على السيل ونحو ذلك مما لا ينتفع به قاله أبو عبيد وقال الأخفش الغثاء والجفاء واحد وهو ما احتمله السيل من القذر والزبد وقال الزجاج البالي من ورق الشجر إذا جرى السيل خالط زبده انتهى وتشدد ثاؤه وتخفف ويجمع على أغثاء شذوذاً وروى بيت امرىء القيس من السيل والغثاء بالتخفيف والتشديد بالجمع .

{ فأخذتهم الصيحة } قال الزمخشري : صيحة جبريل عليه السلام صاح عليهم فدمرهم { بالحق } بالوجوب لأنهم قد استوجبوا الهلاك أو بالعدل من الله من قولك : فلان يقضي بالحق إذا كان عادلاً في قضاياه شبههم بالغثاء في دمارهم وهو حميل السيل مما بلي واسودّ من الورق والعيدان انتهى .

وعن ابن عباس { الصيحة } الرجفة .

وقيل : هي نفس العذاب والموت .

وقيل : العذاب المصطلم .

قال الشاعر :

صاح الزمان بآل زيد صيحة *** خروا لشنتها على الأذقان

وقال المفضل : { بالحق } بما لا مدفع له كقولك : وجاءت سكرة الموت بالحق .

وانتصب بعداً بفعل متروك إظهاره أي بعدوا بعداً .

أي هلكوا ، يقال بعد بعداً وبعداً نحو رشد رشداً ورشداً .

وقال الحوفي { للقوم } متعلق ببعداً .

وقال الزمخشري : و { للقوم الظالمين } بيان لمن دعى عليه بالبعد نحو { هيت لك } و { لما توعدون } انتهى فلا تتعلق ببعداً بل بمحذوف .