البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَأَلۡقَوۡاْ حِبَالَهُمۡ وَعِصِيَّهُمۡ وَقَالُواْ بِعِزَّةِ فِرۡعَوۡنَ إِنَّا لَنَحۡنُ ٱلۡغَٰلِبُونَ} (44)

{ وبعزة فرعون } : الظاهر أن الباء للقسم ، والذي تتعلق به الباء محذوف ، وعدلوا عن الخطاب إلى اسم الغيبة تعظيماً ، كما يقال للملوك : أمروا رضي الله عنهم بكذا ، فيخبر عنه إخبار الغائب ، وهذا من نوع إيمان الجاهلية .

وقد سلك كثير من المسلمين في الإيمان ما هو أشنع من إيمان الجاهلية ، لا يرضون بالقسم بالله ، ولا يعتدون به حتى يحلف أحدهم بنعمة السلطان وبرأس المحلف ، فحينئذ يستوثق منه .

وقال ابن عطية : بعد أن ذكر أنه قسم قال : والأجر أن يكون على جهة التعظيم والتبرك باسمه ، إذ كانوا يعبدونه ؛ كما تقول إذا ابتدأت بعمل شيء : بسم الله ، وعلى بركة الله ، ونحو هذا .

وبين قوله : { قال لهم موسى } ، وقوله : { لمن المقربين } ، كلام محذوف ، وهو ما ثبت في الأعراف من تخييرهم إياه في البداءة من يلقى .