السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَأَلۡقَوۡاْ حِبَالَهُمۡ وَعِصِيَّهُمۡ وَقَالُواْ بِعِزَّةِ فِرۡعَوۡنَ إِنَّا لَنَحۡنُ ٱلۡغَٰلِبُونَ} (44)

{ فألقوا } أي : فتسبب عن قول موسى عليه السلام وتعقبه أن ألقوا { حبالهم وعصيّهم } أي : التي أعدّوها للسحر { وقالوا } مقسمين { بعزة فرعون } وهي من أيمان الجاهلية ، وهكذا كل حلف بغير الله ، ولا يصح في الإسلام إلا الحلف بالله تعالى أو باسم من أسمائه أو صفة من صفاته كقولك والله والرحمان ورب العرش وعزة الله وقدرة الله وجلال الله وعظمة الله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالطواغيت ولا تحلفوا إلا بالله ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون » ولقد استحدث الناس في هذا الباب في إسلامهم جاهلية نسبت لها الجاهلية الأولى ، وذلك أن الواحد منهم لو أقسم بأسماء الله كلها وصفاته على شيء لم يقبل منه ولم يعتد بها حتى يقسم برأس سلطانه ، فإذا أقسم به فتلك عندهم جهد اليمين التي ليس وراءها حلف لحالف ، ثم إنهم أكدوا يمينهم بأنواع من التوكيد بقولهم : { إنا لنحن } أي : خاصة لا نستثني { الغالبون } وذلك لفرط اعتقادهم في أنفسهم ، أو لإتيانهم بأقصى ما يمكن أن يؤتى به من السحر .