البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَٰذِرُونَ} (56)

وقرأ الكوفيون ، وابن ذكوان ، وزيد بن علي : { حاذرون } ، بالألف ، وهو الذي قد أخذ يحذر ويجدد حذره ، وحذر متعد .

قال تعالى : { يحذر الآخرة } وقال العباس بن مرداس :

وإني حاذر أنمي سلاحي *** إلى أوصال ذيال صنيع

وقرأ باقي السبعة : بغير ألف وهو المتيقظ .

وقال الزجاج : مؤدون ، أي ذوو أدوات وسلاح ، أي متسلحين .

وقيل : حذرون في الحال ، وحاذرون في المآل .

وقال الفراء : الحاذر : الخائف ما يرى ، والحذر : المخلوق حذراً .

وقال أبو عبيدة : رجل حذر وحذر وحاذر بمعنى واحد .

وذهب سيبويه إلى أن حذراً يكون للمبالغة ، وأنه يعمل كما يعمل حاذر ، فينصب المفعول به ، وأنشد :

حذر أموراً لا تضير وآمن *** ما ليس منجيه من الأقدار

وقد نوزع في ذلك بما هو مذكور في كتب النحو .

وعن الفراء أيضاً ، والكسائي : رجل حذر ، إذا كان الحذر في خلقته ، فهو متيقظ منتبه .

وقرأ سميط بن عجلان ، وابن أبي عمار ، وابن السميفع : حاذرون ، بالدال المهملة من قولهم : عين حدرة ، أي عظيمة ، والحادر : المتورم .

قال ابن عطية : فالمعنى ممتلئون غيظاً وأنفة .

وقال ابن خالوية : الحادر : السمين القوي الشديد ، يقال غلام حدر بدر .

وقال صاحب اللوامح : حدر الرجل : قوي بأسه ، يقال : منه رجل حدر بدر ، إذا كان شديد البأس في الحرب ، ويقال : رجل حدر ، بضم الدال للمبالغة ، مثل يقظ .

وقال الشاعر :

أحب الصبي السوء من أجل أمّة *** وأبغضه من بغضها وهو حادر

أي سمين قوي .

وقيل : مدجّجون في السلام .