البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{۞وَمَن يَقۡنُتۡ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا نُّؤۡتِهَآ أَجۡرَهَا مَرَّتَيۡنِ وَأَعۡتَدۡنَا لَهَا رِزۡقٗا كَرِيمٗا} (31)

{ ومن يقنت } : أي يطع ويخضع بالعبودية لله ، وبالموافقة لرسوله .

وقرأ الجمهور : ومن يقنت بالمذكر ، حملاً على لفظ من ، وتعمل بالتاء حملاً على المعنى .

{ نؤتها } : بنون العظمة .

وقرأ الجحدري ، والأسواري ، ويعقوب ، في رواية : ومن تقنت بتاء التأنيث ، حملاً على المعنى ، وبها قرأ ابن عامر في رواية ، ورواها أبو حاتم عن أبي جعفر وشيبة ونافع .

وقال ابن خالويه : ما سمعت أن أحداً قرأ : ومن يقنت ، إلا بالتاء .

وقرأ السلمي ، وابن وثاب ، وحمزة ، والكسائي : بياء من تحت في ثلاثتها .

وذكر أبو البقاء أن بعضهم قرأ : ومن يقنت بالياء ، حملاً على المعنى ، ويعمل بالياء حملاً على لفظ من قال ؛ فقال بعض النحويين : هذا ضعيف ، لأن التذكير أصل لا يجعل تبعاً للتأنيث ، وما عللوه به قد جاء مثله في القرآن ، وهو قوله تعالى : { خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا } انتهى .

وتقدم الكلام على { خالصة } في الأنعام .

والرزق الكريم : الجنة .

قال ابن عطية : ويجوز أن يكون في ذلك وعد دنياوي ، أي أن أرزاقها في الدنيا على الله ، وهو كريم من حيث هو حلال وقصد وبرضا من الله في نيله .

وقال بعض المفسرين : العذاب الذي توعد به ضعفين هو عذاب الدنيا ، ثم عذاب الآخرة ؛ وكذلك الأجر ، وهو ضعيف . انتهى .

وإنما ضوعف أجرهن لطلبهن رضا رسول الله ، بحسن الخلق وطيب المعاشرة والقناعة والتوقر على عبادة الله .