الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{۞وَمَن يَقۡنُتۡ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا نُّؤۡتِهَآ أَجۡرَهَا مَرَّتَيۡنِ وَأَعۡتَدۡنَا لَهَا رِزۡقٗا كَرِيمٗا} (31)

قوله : { وَمَن يَقْنُتْ } يطع .

قال قتادة : كلّ قنوت في القرآن فهو طاعة [ وقراءة العامة ( تقنت )بالتاء ] وقرأ يحيى والأعمش وحمزة والكسائي وخلف ( تَعمَل ) ( نِؤْتِها ) بالياء . غيرهم بالتاء .

قال الفراء : إنّما قال ( يأتِ ) ( ويقنت ) لاِنّ مَنْ أداة تقوم مقام الاسم يعبّر به عن الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث . قال الله تعالى :

{ وَمِنهُمْ مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ } [ يونس : 43 ] . وقال :

{ وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ } [ يونس : 42 ] ، وقال : { وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للَّهِ } [ الأحزاب : 31 ] . وقال الفرزدق في الاثنين :

تعال فإنْ عاهدتني لا تخونني *** تكن مثل من يا ذئب يصطحبانِ

{ مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ } أي مثلَي غيرهن من النساء . { وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً } يعني الجنّة .

أخبرني أبو عبدالله بن فنجويه ، عن عبد الله بن يوسف بن أحمد بن مالك ، عن محمد بن عمران بن هارون ، عن أحمد بن منيع ، عن يزيد ، عن حمّاد بن سلمة ، عن ثابت عن أبي رافع قال : كان عمر يقرأ في صلاة الغداة بسورة يوسف والأحزاب ، فإذا بلغ : { ينِسَآءَ النَّبِيِّ } رفع بها صوته ، فقيل له ، فقال : أُذكّرهنّ العهد .

واختلف العلماء في حكم التخيير ، فقال عمر وابن مسعود : إذا خيّر الرجل امرأته فاختارت زوجها فلا شيء عليه ، وإنْ اختارت نفسها [ طُلّقت ] وإلى هذا ذهب مالك .

وقال الشافعي : إنْ نوى الطلاق في التخيير كان طلاقاً وإلاّ فلا . واحتجّ مَنْ لم يجعل التخيير بنفسه طلاقاً ، بقوله : { وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً } ، وبقول عائشة : خيّرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه ، فلم نعدّهُ طلاقاً .