فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{۞وَمَن يَقۡنُتۡ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا نُّؤۡتِهَآ أَجۡرَهَا مَرَّتَيۡنِ وَأَعۡتَدۡنَا لَهَا رِزۡقٗا كَرِيمٗا} (31)

{ وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالحا } قرأ الجمهور { يقنت } بالتحتية ، وكذا قرؤوا { يأت منكنّ } حملاً على لفظ من في الموضعين ، وقرأ الجحدري ويعقوب وابن عامر في رواية وأبو جعفر بالفوقية حملاً على المعنى ، ومعنى { من يقنت } من يطع ، وكذا اختلف القراء في { مبينة } ، فمنهم من قرأها بالكسر ، ومنهم من قرأها بفتح الياء كما تقدّم في النساء . وقرأ ابن كثير وابن عامر : " نضعف " بالنون ونصب العذاب ، وقرىء : " نضاعف " بكسر العين على البناء للفاعل { نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ } قرأ حمزة والكسائي بالتحتية ، وكذا قرأ " يعمل " بالتحتية ، وقرأ الباقون : { تعمل } بالفوقية ، " ونؤت " بالنون . ومعنى إتيانهنّ الأجر مرّتين : أنه يكون لهنّ من الأجر على الطاعة مثلا ما يستحقه غيرهنّ من النساء إذا فعلن تلك الطاعة . وفي هذا دليل قويّ على أن معنى { يضاعف لها العذاب ضعفين } أنه يكون العذاب مرّتين لا ثلاثاً ؛ لأن المراد إظهار شرفهنّ ومزيتهنّ في الطاعة والمعصية بكون حسنتهنّ كحسنتين ، وسيئتهنّ كسيئتين ، ولو كانت سيئتهنّ كثلاث سيئات لم يناسب ذلك كون حسنتهنّ كحسنتين ، فإن الله أعدل من أن يضاعف العقوبة عليهنّ مضاعفة تزيد على مضاعفة أجرهن { وَأَعْتَدْنَا لَهَا } زيادة على الأجر مرّتين { رِزْقاً كَرِيماً } .

قال المفسرون : الرزق الكريم هو : نعيم الجنة ، حكى ذلك عنهم النحاس .

/خ34