البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَقَدۡ جَآءَكُمۡ يُوسُفُ مِن قَبۡلُ بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَمَا زِلۡتُمۡ فِي شَكّٖ مِّمَّا جَآءَكُم بِهِۦۖ حَتَّىٰٓ إِذَا هَلَكَ قُلۡتُمۡ لَن يَبۡعَثَ ٱللَّهُ مِنۢ بَعۡدِهِۦ رَسُولٗاۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَنۡ هُوَ مُسۡرِفٞ مُّرۡتَابٌ} (34)

ثم أخذ يوبخهم على تكذيب الرسل ، بأن يوسف قد جاءهم بالبينات .

والظاهر أنه يوسف بن يعقوب ، وفرعون هو فرعون موسى ، وروى أشهب عن مالك أنه بلغه أن فرعون عمر أربعمائة سنة وأربعين سنة .

وقيل : بل الجائي إليهم هو يوسف بن إبراهيم بن يوسف بن يعقوب ، وأن فرعون هو فرعون ، غير فرعون موسى .

و { بالبينات } : بالمعجزات .

فلم يزالوا شاكين في رسالته كافرين ، حتى إذا توفى ، { قلتم لن يبعث الله من بعده رسولاً } .

وليس هذا تصديقاً لرسالته ، وكيف وما زالوا في شك منه ، وإنما المعنى : لا رسول من عند الله فيبعثه إلى الخلق ، ففيه نفي الرسول ، ونفي بعثته .

وقرىء : ألن يبعث ، بإدخال همزة الاستفهام على حرف النفي ، كأن بعضهم يقرر بعضاً على نفي البعثة .

{ كذلك } : أي مثل إضلال الله إياكم ، أي حين لم تقبلوا من يوسف ، { يضل الله من هو مسرف مرتاب } : يعنيهم ، إذ هم المسرفون المرتابون في رسالات الأنبياء .