البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَمۡ يَقُولُونَ شَاعِرٞ نَّتَرَبَّصُ بِهِۦ رَيۡبَ ٱلۡمَنُونِ} (30)

المنون : الدهر ، وريبه : حوادثه . وقيل : اسم للموت .

روي أن قريشاً اجتمعت في دار الندوة ، وكثرت آراؤهم فيه صلى الله عليه وسلم ، حتى قال قائل منهم ، وهم بنو عبد الدار ، قاله الضحاك : تربصوا به ريب المنون ، فإنه شاعر سيهلك ، كما هلك زهير والنابغة والأعشى ، فافترقوا على هذه المقالة ، فنزلت الآية في ذلك .

وقول من قال ذلك هو من نقص الفطرة بحيث لا يدرك الشعر ، وهو الكلام الموزون على طريقة معروفة من النثر الذي ليس هو على ذلك المضمار ، ولا شك أن بعضهم كان يدرك ذلك ، إذ كان فيهم شعراء ، ولكنهم تمالؤوا مع أولئك الناقصي الفطرة على قولهم : هو شاعر ، حجداً لآيات الله بعد استيقانها .

وقرأ زيد بن علي : يتربص بالياء مبنياً للمفعول به ، { ريب } : مرفوع ، وريب المنون : حوادث الدهر ، فإنه لا يدوم على حال ، قال الشاعر :

تربص بها ريب المنون لعلها *** تطلق يوماً أو يموت حليلها

وقال الهندي :

أمن المنون وريبها تتوجع *** والدهر ليس بمعتب من يجزع