أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِ ٱلَّيۡلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُۚ لَا تَسۡجُدُواْ لِلشَّمۡسِ وَلَا لِلۡقَمَرِ وَٱسۡجُدُواْۤ لِلَّهِۤ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ} (37)

شرح الكلمات :

{ ومن آياته } : أي ومن جملة آياته الدالة على ألوهية الرب تعالى وحده .

{ الليل والنهار } : أي وجود الليل والنهار والشمس والقمر .

{ لا تسجدوا للشمس ولا للقمر } : أي لا تعبدوا الشمس ولا القمر فإنهما من جملة مخلوقاته الدالة عليه .

{ إن كنتم إياه تعبدون } : أي إن كنتم حقا تريدون عبادته فاعبدوه وحده فإن العبادة لا تصلح لغيره .

المعنى :

قوله تعالى ومن آياته أي ومن جملة آياته العديدة الدالة على وجوده وقدرته وعلمه وحكمته والموجبة للإِيمان به وعبادته وتوحيده ، الليل والنهار وتعاقبهما وانتظام ذلك بينهما فليس الليل سابق النهار ، وكذا الشمس والقمر خلقهما وسيرهما في فكليهما بانتظام ودقة فائقة وحساب دقيق وعليه فلا تسجدوا للشمس ولا للقمر أيها الناس فإنهما مخلوقان من جملة المخلوقات ، ولكن اسجدوا لخالقهما إن كنتم إياه تعبدون كما تزعمون .

الهداية :

من الهداية :

- تقرير التوحيد بالأدلة القطعية الموجبة لله العبادة دون غيره من خلقه .

- بيان أن هناك من الناس من يعبدون الشمس ويسجدون لها من العرب والعجم وأن ذلك شرك باطل فالعبادة لا تكون للمخلوقات الخاضعة في حياتها للخالق وإنما تكون لخالقها ومسخرها لمنافع خلقه .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِ ٱلَّيۡلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُۚ لَا تَسۡجُدُواْ لِلشَّمۡسِ وَلَا لِلۡقَمَرِ وَٱسۡجُدُواْۤ لِلَّهِۤ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ} (37)

قوله تعالى : { وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ( 37 ) فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ ( 38 ) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .

{ وَمِنْ آَيَاتِهِ } في موضع رفع خبر مقدم ، و { الليل } مبتدأ مؤخر ، { وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ } عطف على الليل . {[4062]}

يبين الله حججه على خلقه وما ذكره لهم من البراهين الظاهرة الدالة على وحدانيته وعظيم قدرته وسلطانه وتفرده في الخلق ، وهو قوله : { وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ } وهاتان آيتان من آيات الله الدالة على عظيم صنعه وعلى قدرته البالغة في الخلْق والتكوين ، فالليل بسكونه الصامت الوادع ، والنهار وما يدور فيه من أوجه الحركة والجدِّ والنشاط والكسب لتحقيق المصالح والمعايش والحاجات في كل مناحي الحياة ، وكذلك الشمس والقمر آيتان أخريان من آيات الله تُزْجي بقاطع الدلالة والبرهان على عظمة الخالق الصانع المقتدر ، فالشمس بلهيبها المتأجج المضطرم ، وجُرمها الهائل الكبير ذي الحرارة والدفء والضياء ، وكذلك القمر هذا الكوكب القريب العجيب الأخّاذ ، الكوكب الساطع المشرق السيَّار ، الذي يبهر القلوب والألباب بعجيب إشراقه وضيائه وجماله المنسكب على وجه الأرض فيثير فيها البهجة والحبور والإيناس ، لا جرم أن ذلك يكشف عن عظمة الصانع الحكيم وعن بالغ قدرته التي تهونُ دونها كل القدرات والطاقات .

قوله : { لاَ تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ } لا ينبغي لأحد أن يعبد هذين الجُرمين فيسجد لهما من دون الله اغترارا وضلالا بما أذهله من جمال الصورة وروعة المنظر . لا ينبغي أن تثير هذه الصفات في الناس أيَّما اغترار من فرط الإعجاب فتنفتل قلوبهم وعقولهم عن ذكر الله إلى عبادة هذين الجرمين ، فهما ليسا إلا مخلوقين من مخلوقات الله الكثيرة ، وما من أحد يستحق العبادة والطاعة والإذعان سوى الله الواحد الخالق ، وهو قوله سبحانه : { وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } يعني إن كنتم تُخلِصون لله العبادة ولا تشركون في عبادته شيئا ، فإن أناسا كانوا يسجدون للشمس والقمر كالصابئين في عبادتهم الكواكب ويزعمون أنهم يقصدون بالسجود لله فنُهوا عن هذه الواسطة وأمروا أن لا يسجدوا إلا لله الذي خلق هذه المعبودات المصطنعة وخلق كل شيء . {[4063]}


[4062]:البيان لابن الأنباري ج 2 ص 340
[4063]:تفسير الرازي ج 27 ص 130 وتفسير الطبري ج 24 ص 76