الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِ ٱلَّيۡلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُۚ لَا تَسۡجُدُواْ لِلشَّمۡسِ وَلَا لِلۡقَمَرِ وَٱسۡجُدُواْۤ لِلَّهِۤ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ} (37)

ثم قال تعالى : { ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر } أي : ومن علاماته وأدلته{[60429]} التي تدل على وحدانيته وقدرته وحجته على خلقه وعظيم سلطانه اختلاف الليل والنهار ، ومعاقبة كل واحد منهما الآخر . والشمس والقمر مسخرات{[60430]} لا يدرك أحدهما الآخر .

ثم قال تعالى : { لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن } ، فإنما هما خلق مثلكم خلقا{[60431]} لمنافعكم بهما .

وقوله : { خلقهن } جاء بلفظ التأنيث ، والجمع رد على الليل والنهار والشمس والقمر وأنثن{[60432]} كما يؤنث جمع{[60433]} ما لا يعقل وإن كان مذكرا إذا{[60434]} كان من غير بني آدم .

وقيل : الضمير يعود على الشمس والقمر ، وأتى{[60435]} الجمع في موضع التثنية لأن الاثنين جمع{[60436]} . وقيل : الضمير يعود على معنى الآية{[60437]} .

وقوله : { إن كنتم إياه تعبدون } أي : أخلصوا لله وحده إن كنتم / إياه تعبدون{[60438]} ، وهذا موضع السجدة عند مالك{[60439]} .

وقد روي أن رجلا من الأنصار على عهد النبي صلى الله عليه وسلم استتر بشجرة يصلي{[60440]} الليل فقرأ ( ص ) فلما بلغ السجدة سجد وسجدت معه الشجرة فسمعها وهي{[60441]} تقول : اللهم أعظم لي بهذه السجدة أجرا ، وارزقني بها شكرا وضع عني بها وزرا ، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داوود ( عليه السلام ){[60442]} . فذكر الرجل ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " نحن أحق أن نقول ذلك " . فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك في سجوده{[60443]} .


[60429]:(ح): وأذلته.
[60430]:(ت): مسخران.
[60431]:(ح): جاء بلفظ التأنيث والجمع.
[60432]:(ح): وأنث.
[60433]:(ت): جميع.
[60434]:(ت): الذي.
[60435]:(ت): أتى.
[60436]:انظر: المحرر الوجيز 14/188.
[60437]:قائله هو الزجاج في معانيه 4/387.
[60438]:ساقط من (ح).
[60439]:اختلف في موضع السجود في هذه الآية: فقال مالك: موضعه: (إن كنتم إياه تعبدون) لأنه متصل بالأمر، وهو ما كان يفعله علبي وابن مسعود وغيرهم. وقال ابن وهب الشافعي: موضعه: (وهم لا يسئمون) لأنه تمام الكلام وغاية العبادة والامتثال، وبه قال أبو حنيفة. وهو ما كان يفعله ابن عباس وابن عمر ومسروق وأبو عبد الرحمن السلمي وإبراهيم النخعي وأبو صالح ويحيى بن وثاب وطلحة وزبيدة والحسن وابن سيرين وقتادة وبكر بن عبد الله. انظر: مزيدا من التفصيل في أحكام ابن العربي 4/1664، وجامع القرطبي 15/364.
[60440]:(ح): فصلى.
[60441]:ساقط من (ت).
[60442]:ساقط من (ح).
[60443]:انظر: تخريجه في الصفحة إحالة.