لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِ ٱلَّيۡلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُۚ لَا تَسۡجُدُواْ لِلشَّمۡسِ وَلَا لِلۡقَمَرِ وَٱسۡجُدُواْۤ لِلَّهِۤ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ} (37)

قوله جل ذكره : { وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } .

أَوْضَحَ الآياتِ ، وأَلاحَ البينَاتِ ، وأَزاحَ عِلَّةَ مَنْ رام الوصول . واختلاَفُ الليل والنهار ، ودورانُ الشمسِ والقمر من جملة أمارات قدرته ، ودلالات توحيده .

{ لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ } في علائها ، { وَلاَ لِلْقَمَرِ } في ضيائه ، { وَاسْجُدُواْ لِلَّهِ } فقد غار عليك أن تسجد لغيره .

والشمسُ - وإِنْ عَلَتْ ، والقمر - وإنْ حَسُنُ . . . فلأجْلِكَ خلقناهما ، فلا تسجدْ لهما ، واسجُدْ لنَا .

ويقال : خَلقَ الملائكة - ومع كثرة عبادتهم ، ومع تقدمهم في الطاعة - قال لهم : اسجدوا لآدم ، وحين امتنع واحدٌ منهم لُعِنَ إلى الأبد . وقال لأولاد آدم العصاةِ المذنبين : { لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ } فشتِّان ما هما ! ! .

والحقُّ - سبحانه وتعالى - يأمرك بصيانة وجهك عن الشمس والقمر . . وأنت لأجْلٍ كلِّ حظِّ خَسِيسٍ تنقل قَدَمَكَ إلى كلِّ أحدٍ ؛ وتدخل بمحياك عَلَى كلِّ أحدٍ ! ! .