ثم شرع سبحانه في بيان بعض آياته البديعة ، الدالة على كمال قدرته وقوة تصرفه للاستدلال بها على توحيده فقال :{ وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ } في تعاقبهما على حد معلوم ، وتناوبهما على قدر مقسوم { وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ } في اختصاصهما بسير مقدر ونور مقرر ، هذا رد على قوم عبدوا الشمس والقمر ، وإنما تعرض للأربعة مع أنهم لم يعبدوا الليل والنهار للإيذان بكمال سقوط الشمس والقمر عن رتبة السجودية لهما ، بنظمهما في المخلوقية في سلك الأعراض التي لا قيام لها بذاتها ، وهذا هو السر في نظم الكل في سلك آياته ، ثم لما بين أن ذلك من آياته نهاهم عن عبادة الشمس والقمر ، وأمرهم أن يسجدوا لله عز وجل فقال : { لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ } لأنهما مخلوقان من مخلوقاته وإن كثرت منافعهما فلا يصح أن يكونا شريكين له في ربوبيته .
{ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ } أي هذه الأربعة المذكورة ، لأن جمع ما لا يعقل حكمه حكم جمع الإناث ، أو الآيات ، أو الشمس والقمر ، لأن الاثنين جمع جماعة من الأئمة . قال السمين : وإنما عبر عن الأربع بضمير الإناث مع أن فيها ثلاثة مذكرة والعادة تغليب المذكر على المؤنث ، لأنه لما قال : ومن آياته فنظم الأربعة في سلك الآيات صار كل واحد منها آية فعبر عنها بضمير الإناث في قوله : خلقهن .
{ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } قيل : كان ناس يسجدون للشمس والقمر كالصابئين في عبادتهم الكواكب ، ويزعمون أنهم يقصدون بالسجود لهما السجود لله ، فنهوا عن ذلك ، فهذا وجه تخصيص ذكر السجود بالنهي عنه ، وقيل : وجه تخصيصه أنه أقصى مراتب العبادة .
وهذه الآية من آيات السجود بلا خلاف ، وإنما اختلفوا في موضع السجدة فقيل : موضعها عند قوله : { إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } ، لأنه متصل بالأمر ، وقيل عند قوله { وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ } لأنه تمام الكلام ، وعن ابن عباس أنه كان يسجد بآخر الآيتين من حم السجدة ، وكان معه ابن مسعود يسجد بالأولى منهما ، وعن ابن عمر أنه كانت يسجد للأولى ويسجد بالآية الأخيرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.