أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ كَانُواْ عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ لَا يُوَلُّونَ ٱلۡأَدۡبَٰرَۚ وَكَانَ عَهۡدُ ٱللَّهِ مَسۡـُٔولٗا} (15)

شرح الكلمات :

{ ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل } : أي من قبل غزوة الخندق وذلك يوم أحد قالوا : والله لئن أشهدنا الله قتالا لنقاتلن ولا نولي الأدبار .

{ وكان عهد الله مسئولا } : أي صاحب العهد عن الوفاء به .

المعنى :

ما زال السياق الكريم في عرض أحداث غزوة الأحزاب فقوله تعالى : { ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار } أي ولقد عاهد أولئك المنافقون الله من قبل غزوة الأحزاب وذلك يوم فروا من غزوة أُحد إذ كانت قبل غزوة الأحزاب بقرابة السَّنتين فقالوا والله لئن أشهدنا الله قتالا لنقاتلن ولا نوليّ الأدبار ، فذكرهم الله بعهدهم الذي قطعوه على أنفسهم ثم نكثوه ، { وكان عهد الله مسئولا } أي يُسال عه صاحبه ويؤاخذ به .

الهداية :

من الهداية :

- وجوب الوفاء بالعهد إذ نقض العهد من علامات النفاق .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ كَانُواْ عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ لَا يُوَلُّونَ ٱلۡأَدۡبَٰرَۚ وَكَانَ عَهۡدُ ٱللَّهِ مَسۡـُٔولٗا} (15)

قوله تعالى : " ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل " أي من قبل غزوة الخندق وبعد بدر . قال قتادة : وذلك أنهم غابوا عن بدر ورأوا ما أعطى الله أهل بدر من الكرامة والنصر ، فقالوا لئن أشهدنا الله قتالا لنقاتلن . وقال يزيد بن رومان : هم بنو حارثة ، هموا يوم أحد أن يفشلوا مع بني سلمة ، فلما نزل فيهم ما نزل عاهدوا الله ألا يعودوا لمثلها فذكر الله لهم الذي أعطوه من أنفسهم . " وكان عهد الله مسؤولا " أي مسؤولا عنه . قال مقاتل والكلبي : هم سبعون رجلا بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة وقالوا : اشترط لنفسك ولربك ما شئت . فقال : ( أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأموالكم وأولادكم ) فقالوا : فما لنا إذا فعلنا ذلك يا نبي الله ؟ قال : ( لكم النصر في الدنيا والجنة في الآخرة ) . فذلك قوله تعالى : " وكان عهد الله مسؤولا " أي أن الله ليسألهم عنه يوم القيامة .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ كَانُواْ عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ لَا يُوَلُّونَ ٱلۡأَدۡبَٰرَۚ وَكَانَ عَهۡدُ ٱللَّهِ مَسۡـُٔولٗا} (15)

ولما كانت{[55212]} عنايتهم مشتدة{[55213]} بملازمة دورهم . فأظهروا اشتداد العناية بحمايتها زوراً ، بين الله ذلك ودل عليه بالإسناد إلى الدور تنبيهاً{[55214]} على أنها ربة الحماية والعمدة فقال : { ولو دخلت } أي بيوتهم من أيّ داخل كان من هؤلاء الأحزاب{[55215]} أو{[55216]} غيرهم ، وأنث الفعل نصاً على المراد وإشارة إلى أن{[55217]} ما ينسب{[55218]} إليهم جدير بالضعف ، وعبر بأداة الاستعلاء فقال : { عليهم } إشارة إلى أنه دخول غلبة{[55219]} { من أقطارها } أي جوانبها كلها بحيث لا يكون لهم مكان للهرب{[55220]} .

ولما كان قصد الفرار مع الإحاطة بالدار ، من جميع الأقطار ، دون الاستقتال{[55221]} للدفع عن الأهل والمال ، بعيداً عن أفعال الرجال ؛ عبر{[55222]} بأداة التراخي فقال : { ثم سئلوا } أي{[55223]} من أيّ سائل كان{[55224]} { الفتنة } أي الخروج منها فارّين ، وكأنه سماه بها لأنه لما كان أشد الفتنة{[55225]} {[55226]}من حيث أنه لا يخرج الإنسان من بيته إلا الموت أو ما يقاربه كان كأنه لا فتنة سواه { لأتوها } أي الفتنة{[55227]} بالخروج فراراً ، إجابة لسؤال من سألهم مع غلبة الظن بالدخول على صفة الإحاطة أن لا نجاة ، فهم أبداً يعولون على الفرار من غير قتال حماية لذمار{[55228]} او دفعاً لعار ، أو ذباً عن أهل أو جار ، وهذا{[55229]} المعنى ينتظم قراءة أهل{[55230]} الحجاز بالقصر وغيرهم{[55231]} بالمد{[55232]} ، فإن من أجاب إلى الفرار فقد أعطى ما كأنه كان في يده منه غلبة وجبناً وقد جاءه وفعله .

ولما كان هذا عند العرب - مع ما لهم من النجدة والخوف من السبة{[55233]} - لا يكاد يصدق ، أشار إلى ذلك بتأكيده في زيادة تصويره فقال : { وما تلبثوا بها } أي{[55234]} البيوت { إلا يسيراً * } فصح بهذا أنهم لا يقصدون إلا الفرار ، لا حفظ البيوت من المضار ، ويدلك على هذا المعنى إتباعه بقوله مؤكداً لأجل ما لهم من الإنكار والحلف بالكذب{[55235]} : { ولقد كانوا } أي هؤلاء الذين أسرعوا الإجابة إلى الفرار مع الدخول عليهم على تلك الصفة من سبي حريمهم واجتياح{[55236]} بيضتهم { عاهدوا الله } أي الذي لا أجلّ منه .

ولما كان العهد ربما طال زمنه فنسي ، فكان ذلك عذراً لصاحبه ، بين قرب زمنه بعد{[55237]} بيان عظمة المعاهد اللازم منه ذكره ، فقال مثبتاً الجار : { من قبل } أي قبل هذه الحالة وهذه الغزوة حين أعجبتهم المواعيد الصادقة بالفتوحات التي سموها الآن عندما جد الجد مما هي مشروطة به من الجهاد غروراً { لا يولّون } أي يقربون عدوهم { الأدبار } أي أدبارهم{[55238]} أبداً لشيء من الأشياء ، ولا يكون لهم عمل إذا حمى الياس ، وتخالط الناس ، واحمرت الحدق وتداعس الرجال ، وتعانق الحماة الأبطال إلى{[55239]} الظفر أو الموت .

ولما كان الإنسان قد يتهاون بالعهد لإعراض المعاهد عنه قال : { وكان عهد الله } أي الوفاء بعهد من هو محيط بصفات الكمال . ولما كان العهد فضلة في الكلام لكونه مفعولاً ، واشتدت العناية به هنا ، بين ذلك بتقديمه أولاً{[55240]} ثم يجعله العمدة ، وإسناد الفعل إليه ثانياً فقال : { مسؤولاً * } ، أي في{[55241]} أن يوفي{[55242]} به ذلك الذي وقع منه .


[55212]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: كان.
[55213]:زيد من ظ وم ومد.
[55214]:زيد من ظ وم ومد.
[55215]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الخراب.
[55216]:في ظ "و".
[55217]:زيد من م ومد.
[55218]:من م ومد، وفي الأصل: يتسبب، وفي ظ: بنت ـ كذا.
[55219]:من م ومد، وفي الأصل وظ: عليه.
[55220]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: للترب.
[55221]:من ظ وم، وفي الأصل ومد: الاستقبال.
[55222]:زيد في ظ: عنه.
[55223]:سقط من ظ.
[55224]:زيد من ظ وم ومد.
[55225]:سقط من ظ.
[55226]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[55227]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[55228]:من ظ وم، وفي الأصل: لرماد.
[55229]:العبارة من "الفرار" إلى هنا ساقطة من مد.
[55230]:زيد من ظ وم ومد.
[55231]:في ظ: غيره.
[55232]:راجع نثر المرجان 5/385.
[55233]:من م ومد، وفي الأصل وظ: الشبه.
[55234]:زيد من ظ وم ومد.
[55235]:في ظ وم ومد: في الكذب.
[55236]:من مد، وفي الأصل وظ وم: احتياج.
[55237]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: مع.
[55238]:في ظ: ديارهم.
[55239]:في الأصول: إلا.
[55240]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: أوبا.
[55241]:سقط من ظ وم ومد.
[55242]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: يؤتي.