قوله : { وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا الله مِن قَبْلُ } أي من قبل غزوة الخندق { لاَ يُوَلُّونَ الأدبار } عدوهم أي لا ينهزمون قال يزيد بن رومان{[43248]} : هم بنو حارثة هموا يوم الخندق أن يَقْتَتِلُوا مع بني سلمة ، فلما نزل فيهم ما نزل عاهدوا الله أن لا يعودوا لمثلها ، وقال قتادة : هم ناس كانوا{[43249]} قد غابوا عن واقعة بدر ورأوا ما أعطى الله أهل بدر من الكرامة والفضيلة وقالوا لئن أَشْهَدَنَا اللَّهُ قتالاً لَنُقَاتِلَنَّ فساق الله إليهم ذلك وقال مقاتل{[43250]} والكلبي :
«هم سبعون رجلاً جاءوا بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم{[43251]} - ليلة العقبة وقالوا اشترط لنفسك ولربك ما شئتَ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً ، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأولادكم قالوا : وإذا فعلنا ذلك ( فما لنا{[43252]} يا رسول الله ؟ قال : لكم النصر في الدنيا والجنة في الآخرة ، قالوا : قد فعلنا فذلك ) عهدهم » ، وهذا القول ليس بمَرْضِيٍّ ؛ لأن الذين بايعوا ليلة العقبة كانوا سبعين لم يكن فيهم شَاكٌّ ولا مَنْ يقول مثل هذا القول وإنما الآية في قوم عاهدوا الله أن يقاتلوا ولا يَفِرُّوا فَنَقَضُوا العهد . وهذا بيان لفساد سريرتهم وقبح سيرتهم لنقضهم العهود فإنهم قبل ذلك تخلفوا وأظهروا عذراً ونَدَماً ثم هددهم بقوله : { وَكَانَ عَهْدُ الله مَسْئُولاً } أي مَسْؤُولاً عنه .
قوله : «لاَ يُوَلُّونَ » جواب لقوله : «عَاهَدُوا » لأنه في معنى : «أقسموا »{[43253]} وجاء على حكاية اللفظ فجاء بلفظ الغيبة ولو جاء على حكاية المعنى لقيل : لا يُولِّي ، والمفعول الأول محذوف أي يولون العدو الأدبار{[43254]} . وقال أبو البقاء : ويقرأ بالتشديد تشديد النون وحذف الواو على تأكيد جواب القسم{[43255]} . قال شهاب الدين : ولا{[43256]} أظن هذا إلا غلطاً منه وذلك أنه إما أن يُقْرأ مع ذلك بلا النافية أو بلام التأكيد{[43257]} ، والأول لا يجوز لأن المضارع المنفي بلا لا يؤكد بالنون إلا ما نَدَرَ مما لا يقاس عليه والثاني فاسد المعنى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.